ويرجوه، ويدعوه من دون الله تعالى لنفعه، وكشف ضره، إلى غير ذلك مما يصرفه له من أنواع العبادة: فأن هذا مشرك وليس بمؤمن وكيف يكون مؤمناً من يتعلق على الأموات، يخافهم ويرجوهم، وينذر لهم النذور ويقرب لهم القرابين، معرضاً عن رب كريم، قادر سميع بصير، يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، إلى ميت عاجز قد انقطع عمله؟ والله تعالى يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}[البقرة، الآية:١٨٦] ويقول تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ}[النمل، الآية:٦٢] .
ثم يقال لهذا المعترض الأحمق: من هم العلماء الذي تقول عنهم إنهم بسطوا الجواب عما يفعله غلاة عباد القبور من الشرك بالله عندها. وزعموا أن عملهم هذا ليس بشرك فلا بد أن هؤلاء العلماء الذين يقول عنهم المعترض هذا القول هم الذين قادوه إلى الضلالة، وأوقعوه في الهاوية، كدحلان وأمثاله من أئمة الضلال. وأما المغالطة وتحريف آيات الكتاب وأحاديث السنّة المطهرة فهذه هي بضاعة أهل الباطل.
وأما قوله:"ونحن وإياهم ما نقصد بذلك إلا إتباع أمر الله تعالى".
فهذه كذب على الله تعالى. فأن الله لم يأمر بأن يشرك معه أحد في عبادته و {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ}[النحل، الآية:١٠٥] إن الذين صرح به القرآن هو النهي عن الشرك قليله وكثيره وتخليد المشركين في نار جهنم، وتحريم الجنة عليهم. وأما هذه الحجج التي ينتحلها المعترض فإنما هي حجج باطلة، بل مفاتيح لأبواب الشرك في عبادة الله تعالى، وما يقصد منتحلو هذه الحجج إلا إتباع أهوائهم، وما يسوله لهم الشيطان. فإن هذه الأسماء التي يغالطون بها من اسم "الوسيلة، والشفاعة، والوسائط" وغيرها مجرد أسماء مقلوبة الحقائق. وإنما هي دعاء غير الله تعالى وصرف عبادته لهؤلاء الأموات، الذي يزعمون أنهم وسائط بينهم وبين الله