وقال إسماعيل بن يحيى المزني في مختصره: اختصرت هذا من علم الشافعي ومن معنى قوله لأقر به على من أراده، مع إعلاميه نهيه عن تقليده وتقليد غيره، لينظر فيه لدينه ويحتاط لنفسه.
وقال أبو داود: قلت لأحمد: الأوزاعي هو أتبع من مالك؟ قال: لا تقلد دينك أحداً من هؤلاء. ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فخذ به، ثم التابعين بعد: الرجل مخير فيهم وقد فرق أحمد بين التقليد والاتباع. فقال أبو داود سمعته يقول: الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه، ثم هو بعد في التابعين مخير. وقال أيضاً: لا تقلدني ولا تقلد مالكاً ولا الثوري ولا الأوزاعي. وخذ من حيث أخذوا، وقال: من قلة فقه الرجل أن يقلد دينه الرجال.
وقال بشر بن الوليد: قال أبو يوسف: لا يحل لأحد أن يقول بمقالتنا حتى يعلم من أين قلنا.
وقد صرح مالك رحمه الله تعالى بأن من ترك قول عمر بن الخطاب لقول إبراهيم النخعي: إنه يستتاب، فكيف بمن ترك قول الله وقول رسوله لقول من هو دون إبراهيم أو مثله؟
وقال جعفر: حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثني الهيثم بن جميل قال قلت لمالك بن أنس: يا أبا عبد الله، إن عندنا قوماً وضعوا كتباً يقول أحدهم: حدثنا فلان عن فلان عن عمر بن الخطاب بكذا، وفلان عن إبراهيم بكذا ويأخذون بقول إبراهيم؟ قال مالك: وصح عندهم قول عمر؟ قلت: إنما هي رواية، كما صح عندهم قول إبراهيم. فقال مالك: هؤلاء يستتابون. انتهى.
فهذا كلام الأئمة رضي الله عنهم صريح في النهي عن تقليدهم وتقليد غيرهم ما عدا الصحابة رضي الله عنهم الذي لا يجوز المعترض تقليدهم. فما هو وجه الاعتراض على الأئمة، كما زعم المعترض؟ وأي لوم يوجه إليهم كما يدعيه هذا الجاهل ومن قلدهم من أهل البدع الذين ينسبوه ما هم عليه من الضلال مذهباً للأئمة الأربعة؟ وهذا من أعظم الظلم والعدوان والمغالطة.