القسطلاني في شرح هذا الحديث: إن عمر رضي الله عنه قال: يا أيها الناس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد للوالد، فافتدوا به في عمه، واتخذوه وسيلة إلى الله تعالى".
والجواب: إن هذا الملحد يتعمد الكذب والمغالطة، لترويج باطله الذي يدعو إليه، من إشراك المخلوق مع الخالق جل جلاله، في عبادته التي خلق الله الخلق من أجلها، فقد اختلق هذا القول من عنده وافتراه بمنتهى الوقاحة والفجور، وظن أن الناس كلهم على مثل جهله وضلاله وعمى قلبه، وتجاهل أن نسخ صحيح البخاري لا يكاد يخلو منها بيت. وأن من السهل اليسير على كل مسلم أن يفتح صحيح البخاري ليجد فيه في "باب سؤال الناس الإمام إذا قحطوا" ويقرأ ما يصفع هذا الملحد على وجهه الأسود الكالح، فيزيده سواداً. فإن نص الحديث فيه: عن أنس: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن المطلب. فقال: اللهم إنّا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا. وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. قال: فيسقون". وشتان بين هذا القول الصحيح وبين الظلمات التي افتراها هذا الملحد ونسبها إلى البخاري. فهذا الحديث في دعاء الأحياء بينهم حاضر لحاضر، فهو حدة لنا على بطلان دعاء الأموات، مقتدين بعمل أصحاب نبينا عليه الصلاة والسلام. وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي في كتابه الصارم المنكي في الرد على السبكي: وقد أجدب الناس على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستسقى بالعباس، وقال: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا. وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون" فاستسقوا به كما كانوا يستسقون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته. وهم إنما كانوا يتوسلون بدعائه وشفاعته لهم، فيدعو لهم ويدعون معه، كالإمام والمأمومين. من غير أن يكونوا يقسمون على الله بمخلوق، كما أنه ليس لهم أن يقسم بعضهم على بعض بمخلوق. ولما مات صلى الله عليه وسلم توسلوا بدعاء العباس واستقوا به. وانتهى.