به من الدلائل والحجج القوية من الآيات والأحاديث النبوية فتعجبت منه العجب الصراح، كيف؟ وليس في الباب حديث حسن، فضلاً عن الصحاح. فتأملت فيها تأمل الناقد البصير، لكي أعلم أنه هل صدق في تلك الدعوى أم كذب كذب المجادل الضرير، فوجدت دعواها عارية عن لباس الصدق والحق المبين، محلاة بحلية الزور والكذب والباطل المهين. فإنه ليس فيها من الأحاديث إلا ما أورده التقي السبكي في "شفاء السقام" وهي دائرة بين الاحتمالات الثلاثة السقام: إما موضوعة، عملتها أيدي الوضاع اللئام أو ضعاف واهية رواها من وسم بمثل كثرة الغلط والخطأ والأوهام- إلى أن قال – ومن عجائب صنيعه: أن المؤلف – مع زعمه أنه من جملة المقلدين – يستدل بالأدلة الشريعة، وهو منصب المجتهدين. فعن لي أن أنبه على ما وقع فيها من ساوئ المفاهيم وزخارف الأقوال وأراجيف الاستدلال، لئلا يغتر بها من يقف عليها ممن لا خبرة له بحقائق علم السنة من المتون والرجال. فالله أستعين وأقول- وبه أحول وبه أصول. انتهى.
فكتب مجلداً ضخماً في الرد على رسالة دحلان كسر به زجاج شهادته وكشف ما موه به من الباطل. فلم يقل عثراته خصوصاً فيما لبس به من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، أو ما غير معناه من الآيات والأحاديث المرفوعة. فأزاح عن محياها القتام ونفى وعصف على بيت عنكبوته نسيم الحق فهفى.
وبهذا تعلم أن دحلان ليس من أهل الجرح والتعديل، بل هو ضال مضلل عن سبيل المؤمنين. فلا يلتفت إليه بل هو ساقط العدالة بشهادة من ذكرناهم من علماء الهند الراسخين في علوم الكتاب والسنة من أهل الحديث حملة علوم الشريعة النبوية. وليس لهم صلة بالطرفين، ولا علاقة بينهم وبين الفريقين، إلا الأخوة في الدين وما توجبه بعلنونه. {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ}[آل عمران، الآية: ١٨٧] فجزاهم الله عن الإسلام ونصرة الحق على الباطل أفضل ما جزى به المجاهدين في سبيله لنصرة دينة.