وقد تقدم من كلامه رحمه الله عن الوهابيين ما فيه كفاية.
وأما قول المعترض:"كان أبوه عالماً فاضلاً ورعاً" فهذا حق، فإن الشيخ عبد الوهاب والد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله تعالى، كان على جانب عظيم من العلم والفضل، مشهوراً بورعه وزهده. وقد قال الشيخ العلامة المؤرخ عثمان بن عبد الله بن بشر (١) في تاريخه "عنوان المجد" وأما الشيخ عبد الوهاب فهو العالم العلامة الكامل الورع الزاهد له المعرفة الكاملة في علوم الشريعة وآلاتها، تولى القضاء في عدة أماكن من نجد منها العيينة وحريملا، وله مؤلفات حسنة، ورسائل مستحسنة، ورأيت له أسئلة وأجوبة أعجبني حسنها، وهي دالة في غزارة علمه وسعة اطلاعه، انتهى.
وأما قول المعترض:"وكان يتفرس في ابنه هذا الشقاوة. . . إلى آخره". فهذه دعوى كاذبة باطلة مرذولة، تحكي دين وأمانة من اخترعها. فإن الشيخ عبد الوهاب رحمه الله قد أثنى على ولده محمد ثناء جميلاً بقوله فيه: إنه يتعجب من فهم ابنه محمد وإدراكه قبل بلوغه الاحتلام. ويقول أيضاً: لقد استفدت من ولدي محمد فوائد من الأحكام. وقد كتب الشيخ عبد الوهاب رسالة إلى بعض إخوانه نوه فيها بشأن ابنه الشيخ محمد، وما هو حائز عليه من الفهم والحفظ والإتقان الذي يعد فيه آية من آيات الله. قال: وقد تحققت أنه بلغ الاحتلام قبل إكماله اثنتي عشرة سنة فرأيته أهلاً للإمامة في الصلاة بالجماعة فقدمته لمعرفته بالأحكام. . . إلى آخر ما ذكره.
فكيف يكون هذا الشيخ الجليل – مع علمه وفضله وورعه الذي أقر له به هذا المعترض – يتفرس في ابنه الشقاوة، ثم هو مع ذلك يثني عليه، وينوه بعلو شأنه في العلم والفهم، ويقدمه للإمامة في صلاة الجماعة بين يديه؟ هذا تناقض شنيع، محال أن يتصف به عالم فاضل ورع، وكذلك العلماء الذين قال عنهم المعترض: إنهم يتفرسون فيه الشقاوة، كيف تتفق هذه الفراسة مع طلبه العلم
(١) ولد عام ١٢١٠هـ وتوفي عام ١٢٩٠هـ ويعتبر من أوثق المؤرخين.