للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن يقرأ حديث رفاعة بن رافع يجد أنه يفيد أن التسمية غير واجبة، حيث أحال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واجبات للوضوء على الآية وهي قوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيدكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين.....الآية".

ولم يذكر فيها التسمية, فدل على أنها غير واجبة.

أما حديث أبي هريرة فيفيد غير مفاد هذه الأحاديث، وذلك أنه ينفي صحة وضوء من لم يذكر اسم الله عليه، وبهذا نجد أن هذه الأحاديث تتعارض فيما بينها وقد درأ العلماء هذا التعارض.

أقوال العلماء في درء التعارض:

١- قال الإمام الطحاوي بعد أن ذكر عدة طرق لحديث (لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه) (١) قال: "فذهب قوم إلى أن من لم يسم على وضوء الصلاة فلا يجزيه وضوؤه واحتجوا في ذلك بهذه الآثار ".

وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: من لم يسم على وضوئه فقد أساء، وقد طهر بوضوئه ذلك.

واحتجوا في ذلك بحديث المهاجر بن قنفذ (إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة) . (٢)

ففي هذا الحديث أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم – كره أن يذكر الله إلا على طهارة، ورد السلام بعد الوضوء الذي صار به متطهرا، ففي ذلك دليل أنه قد توضأ قبل أن يذكر اسم الله.

وكان قوله: (لا وضوء لمن لم يسم) يحتمل أيضا ما قاله أهل المقالة الأولى، ويحتمل لا وضوء له: أي لا وضوء له متكاملا في الثواب، كما قال: (ليس المسكين الذي ترده التمرة أو التمرتان ولا القمة ولا اللقمتان) ، فلم يرد بذلك أنه ليس بمسكين خارج من حد المسكنة كلها حتى تحرم عليه الصدقة؛ وإنما أراد بذلك أنه ليس بالمسكين المتكامل في المسكنة الذي ليس بعد درجته في المسكنة درجة.


(١) سبق تخريجه ص:
(٢) سبق تخريجه ص:

<<  <   >  >>