للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يظهر أن الحديثين الثالث والرابع وهما حديث أبي سعيد وحديث جابر لا يقومان للمعارضة لضعفهما، أما الحديث الأول فقد أخرجه البخاري فهو صحيح والحديث الثاني أخرجه البخاري تعليقاً وجزم فهو صحيح وهذان الحديثان يعارضان حديث أبي هريرة"إذا ولغ الكلب ... " حيث يفيد الحديث نجاسة سؤر الكلب بينما يفيد ظاهر حديث عدي بن حاتم طهارة سؤره لأنه أبيح أكل ما أمسكه الكلب دون أن نؤمر بغسله.

وكذا يفيد حديث ابن عمر عدم الاحتراز من الكلب فهو يبول ويدبر ويقبل في المسجد، ومعلوم أن البول أشد من السؤر وأغلظ.

وقد أجاب العلماء عن هذا التعارض:

مذاهب العلماء في درء التعارض:

ذهب مالك والأوزاعي وداود إلى طهارة سؤره وقالوا: يتوضأ به ويشرب وإن ولغ في طعام لم يحرم، وذهب مالك إلى أن الأمر بغسل الإناء تعبد، واحتج بالإضافة إلى حديث عدي بن حاتم بقوله تعالى: "فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه" ولم يأمر بغسل ما أصابه فمه، وكذلك احتج بحديث أبي سعيد " لها ما حملت في بطونها..الحديث" وقال" ولأنه حيوان فكان طاهراً كالمأكول" (١) .

وأجاب عليه الحنابلة فقالوا: لنا ما روي عن أبي هريرة –رضي الله عنه- إن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً) متفق عليه، ولمسلم (فليرقه ثم ليغسله سبع مرات) ولو كان سؤره طاهراً لم تجز إراقته ولا وجب غسله.


(١) المغني ١/٤١، ٤٢، وينظر التمهيد لابن عبد البر ١/٣٢٠، ٣٢١ فإنه استدل بأدلة أخرى.

<<  <   >  >>