للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١- درأ أبو جعفر الطحاوي التعارض بأن حديث (لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب) يجوز أن يكون أراد بذلك ما دام ميتة غير مدبوغ، فإنه كان يسأل عن الانتفاع بشحم الميتة فيجيب الذي يسأله بمثل هذا، كما في حديث جابر بن عبد الله قال: "بينا أنا عند رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه ناس فقالوا: يا رسول الله إن سفينة لنا انكسرت، وإنا وجدنا ناقة سمينة ميتة فأردنا أن ندهن بها، وإنما هي عود، وهي على الماء فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"لا تنتفعوا بشيء من الميتة".

فأخبر جابر بن عبد الله رضي الله عنه-بالسؤال الذي كان قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: (لا تنتفعوا من الميتة) جوابًا له، وأن ذلك كان على النهي عن الانتفاع بشحومها، فأما ما كان يدبغ منها حتى يخرج من حال الميتة ويعود إلى غير معنى الأهب فإنه يطهر بذلك ودليل ذلك حديث ميمونة –رضي الله عنها- في الانتفاع بجلود الميتة بعد الدباغ (١) وهو حديث ظاهر المعنى أولى من حديث ابن عكيم الذي لم يدلنا على خلاف ما جاءت به هذه الآثار.

كما درأ التعارض وأجاب عن حديث "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" بجواب آخر وهو أنه يجوز أن يكون أراد بذلك أن أدلة الإباحة كانت بعد تحريم الميتة، وأن الجلود المدبوغة غير داخلة في التحريم، ويدل على ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ماتت شاة لسودة بنت زمعة رضي الله عنها، فقالت: يا رسول الله ماتت فلانة، قال" فلولا أخذتم مسكها (٢) ؟


(١) الحديث عن ميمونة رضي الله عنها أنه مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال من قريش يجرون شاة لهم مثل الحمار، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: لو أخذتم إهابها، قالوا: إنها ميتة، قال يطهرها الماء والقرظ. والقرظ: ورق السلم وهو نبت يدبغ به. شرح معاني الآثار ١/٤٧١.
(٢) المسك: الجلد. لسان العرب ١٠/٤٨٦ مادة (م س ك) .

<<  <   >  >>