للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقالت: نأخذ مسك شاة ماتت؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما قال الله (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ....الآية) (١) فإنه لا بأس بأن تدبغوه فتنتفعوا به". قالت فأرسلت إليها فسلخت مسكها فدبغته فاتخذت منه قربة حتى تخرقت (٢) .

ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سألته عن ذلك قرأ عليها الآية التي نزل فيها تحريم الميتة فأعلمها بذلك أن ما حرم عليهم بتلك الآية من الشاة حين ماتت إنما هو الذي يطعم منها إذا ذكيت لا غير، وأن الانتفاع بجلودها إذا دبغت غير داخل في ذلك الذي حرم منها.

كما يدل على هذا أن أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- لما أسلموا لم يأمرهم بطرح نعالهم وخفافهم التي اتخذوها في حال جاهليتهم، وإنما كان ذلك من ميتة أو ذبيحة أهل الأوثان، ولما ثبت ذلك ثبت أن ذلك قد خرج من حكم الميتة النجسة إلى سائر الأمتعة الطاهرة (٣) .

٢- ودرأ ابن شاهين التعارض فقال:

وهذه أحاديث لا يمكن ادعاء نسخ شيء منها بأخرى.

فإن قال قائل: فإن حديث ابن عكيم نسخ حديث ابن عباس وابن عمر وعائشة، ومن روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" طهورها دباغها" لقرب العهد بالنهي؛ أمكن أن يقول غيره: يجوز أن يكون هذا الأمر قبل أن يموت النبي-صلى الله عليه وسلم- بجمعة.


(١) تتمة الآية (إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) سورة الأنعام١٤٥
(٢) أخرجه أحمد (١/٣٢٧) .
(٣) شرح معاني الآثار ١/٤٦٩- ٤٧٢ بتصرف.

<<  <   >  >>