للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتوهم القارئ تعارض هذه الأحاديث التي ذكرناها، فحديث بسرة يفيد أن مس الذكر من نواقض الوضوء، كما أن حديث طلق يفيد خلاف ذلك بأن مس الذكر ما هو إلا كمس أي عضو من أعضاء الجسد فلا ينقض الوضوء.

أقوال العلماء في درء التعارض:

١- قال ابن حبان: " خبر طلق بن علي الذي ذكرناه خبر منسوخ، لأن طلق بن علي كان قدومه على النبي –صلى الله عليه وسلم- أول سنة من سني الهجرة، حيث كان المسلمون يبنون مسجد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بالمدينة، وقد روى أبو هريرة إيجاب الوضوء من مس الذكر على حسب ما ذكرناه قبل، وأبو هريرة أسلم سنة سبع من الهجرة، فدل ذلك على أن خبر أبي هريرة كان بعد خبر طلق بن علي بسبع سنين" (١) .

٢- رجح الحازمي حديث بسرة على حديث طلق، وجعل سبب الترجيح كثرة عدد الرواة لهذا الحديث أي حديث إيجاب الوضوء.

قال...."وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب، وذهب بعضهم إلى هذه الأحاديث" أحاديث الإباحة" ورأوا ترك الوضوء من مس الذكر". قال: " وخالفهم في ذلك آخرون فذهبوا إلى إيجاب الوضوء، ومن ذهب إلى هذا القول ادعى أن حديث طلق منسوخ".

وذكر حجة كل منهم فقال:

" قال بعض من ذهب إلى الرخصة: المصير إلى حديث طلق أولى لأسباب: منها:

أاشتهار طلق بصحبة النبي -صلى الله عليه وسلم.

ب طول صحبته، وكثرة روايته.

ج- وأما بسرة فغير مشهورة واختلاف الرواة في نسبها يدل على جهالتها، لأن بعضهم يقول: هي كنانية، وبعضهم يقول: هي أسدية، ثم لو قدرنا انتفاء الجهالة عنها ما كانت أيضاً توازي طلقاً في كثرة روايته، إذ قلة روايتها يدل على قلة صحبتها، ثم اختلاف الرواة في حديثها يدل على ضعف حديثها، ثم إن حديث النساء إلى الضعف ما هو.

د- قالوا: قد روينا عن علي بن المديني ومحله من هذا الشأن ما قد عرف أنه قال ليحيى بن معين: كيف تتقلد إسناد بسرة عن أبي حفص، ومروان إنما أرسل شرطياً حتى رد جوابها إليه.


(١) الإحسان ٢/٢٢٤.

<<  <   >  >>