للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيِكْذِبُ لِيَضْحَكَ بِهِ الْقَوْمُ، وَيْلٌ لَهُ، وَيْلٌ لَهُ (١) .

ولا يدخل في الكذب ما رُخّص فيه، بقصد إصلاح، أو خدعة في حرب، أو تودد لزوج. وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام: لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَيَقُولُ خَيْراً، ويَنْمِي خَيْراً، وقالت: أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها: [ولم أسمع يرخّص في شيء مما يقول الناس كذبٌ إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأتَه وحديث المرأة زوجَها] (٢) .

هذا، وإن أشنع صور الكذب، كذبٌ على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، كتحريم حلال أو تحليل حرام أو وضع حديث. يقول الله تعالى: [الأنعَام: ٢١] {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ *} . ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ تََعَمَّدَ عَلَيَّ كَذِباً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ (٣) . وبالمقابل، فإن من صوره التي لا يُتنبّه لها: الكذب بادعاء رؤيا أو حُلُم لم يره، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ذلك: مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلُمٍ لَمْ يَرَهُ، كُلِّفَ


(١) أخرجه أبو داود؛ كتاب: الأدب، باب: التشديد في الكذب، برقم (٤٩٩٠) ، من رواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه. والترمذي؛ كتاب: الزهد، باب: ما جاء من تكلم بالكلمة ليضحك الناس، برقم (٢٣١٥) ، عنه أيضاً. وقال: هذا حديث حسن.
(٢) أخرجه البخاري؛ مختصراً - من غير زيادة ابن شهاب لكلام أم كلثوم رضي الله عنها-، كتاب: الصلح، باب: ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس، برقم (٢٦٩٢) ، عن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها. ومسلم - مطولاً بالزيادة، ومختصراً من غيرها -؛ كتاب: البِرّ والصلة والآداب، باب: تحريم الكذب وبيان المباح منه، برقم (٢٦٠٥) ، عنها أيضاً.
(٣) متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه: أخرجه البخاري؛ كتاب: العلم، باب: إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (١٠٧) ، ومسلم؛ في مقدمة صحيحه؛ باب: تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم (٢) . ... فائدة: وهذا الحديث متفق عليه أيضًا من حديث عليٍّ والمغيرة وغيرهما، وهو متواتر لفظًا ومعنى.

<<  <   >  >>