للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للآخر بما يَكْره، مما يتسبّب في إيغار صدره على أخيه، أو بوعده لأحدهما أو لكليهما بنصرته على من عاداه، أو بالثناء عليه بسبب معاداته للآخر، ونحو ذلك مما يؤجج نار العداوة بينهما، وهذا شر من النميمة وهو عين النفاق، - إن كان المتخاصمان إنما تعادَيا بسبب تخالف الدين - وإلا فهو من خصال المنافقين والعياذ بالله. ولا يدخل في (ذي اللسانين) من يُضطر لمداراة ذي شرٍ اتقاءً لشره، كأن يتبسم بوجهه أو يقبل على الترحيب به، لكنْ شرط ألا يثني عليه خيراً مما ليس فيه، أو يقرّه على باطل يقوله، أو يجاريه في بدعة ارتكبها أو معصية اجترحها.

يقول صلى الله عليه وسلم: تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِْسْلاَمِ، إِذَا فَقِهُوا، وَتَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ فِي هَذَا الأَْمْرِ، أَكْرَهُهُمْ لَهُ، قَبْلَ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، وَتَجِدُونَ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ (١) ، وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها: استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ائْذَنُوا لَهُ، بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ، أَوِ ابْنُ الْعَشِيرَةِ، فلما دخل ألان له الكلام. قلت: يا رسول الله، قلتَ ما قلت، ثم ألنْتَ له الكلام؟! فقال عليه الصلاة والسلام: أَيْ عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ (٢) .


(١) متفق عليه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أخرجه البخاري؛ كتاب: المناقب، باب: قول الله تعالى: [الحُجرَات: ١٣] {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} . برقم (٣٤٩٣) ، ومسلم؛ كتاب: فضائل الصحابة، باب خيار الناس، برقم (٢٥٢٦) .
(٢) متفق عليه، من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها. أخرجه البخاري؛ كتاب: الأدب، باب: ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والرِّيَب، برقم (٦٠٥٤) . ومسلم؛ كتاب: البرِّ والصِّلة والآداب، باب: مدارة من يُتّقى فُحْشُه، برقم (٢٥٩١) .

<<  <   >  >>