للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ (١) .

إن ما سبق جميعه هو مجمل ما يتأكد على المؤمن حفظ اللسان عنه، [وما أحسن التزام المؤمن بقول النبي صلى الله عليه وسلم: أَمْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ (٢) ، فهذه الآفات كلها مهالك ومعاطب، وهي جميعاً على طريق المتكلّم، فإن سكت سلم من الكلّ، وإن نطق وتكلم خاطَرَ بنفسه، فإن كنتَ ممن لا يقدر على أن يكون ممن تكلم فَغَنِمَ، فكن - رعاك الله - ممن سكت فَسَلِمَ، فالسلامة إحدى الغنيمتين] (٣) .

خامساً: احفظ الله بحفظ شهوة البطن، فإن مَنْ علم خطرها نجا من تكدر النفس، ومن غفلة القلب، وعمى البصيرة، ومن غلبة الشهوة، وتملّك الهوى، واستهواء المعصية، وعُصِم بإذن الله من ذل مقارفتها، بل إن حفظ هذه الشهوة - كما تقرر في الطب - هو وقاية مؤكدة من كثير من الأمراض العضوية، كما أنه في آنٍ منجاة من الحرص على الدنيا. ولا مبالغة في ادعاء أن هذا الحفظ - لمن وفقه الله إليه - هو سبب لجميع الفضائل. فتأمل - رحمك الله - إلى هذا المطعوم والمشروب كم أساء إدخاله البدن بِشَرَهٍ زمناً متطاولاً إلى نفسِ مَنْ تلذّذ بطعمه واستساغه لدقائق معدودات، فقد وسّع ذلك للشيطان مجراه في


(١) متفق عليه؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أخرجه البخاري؛ كتاب: الاعتصام، باب: الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (٧٢٨٨) . ومسلم؛ كتاب: الحج، باب: فرض الحج مرة في العمر، برقم (١٣٣٧) .
(٢) جزء من حديث أخرجه الترمذي - وحسَّنه -؛ كتاب: أبواب الزهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب: ما جاء في حفظ اللسان، برقم (٢٤٠٦) ، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه.
(٣) هذا، وما قبله من التحذير من آفات اللسان، جميعه مستفاد من: «إحياء علوم الدين» ، كما سبق الإشارة إليه.

<<  <   >  >>