أو ما شاء الله وفلان، أو لولا الله وفلان لعُدمنا الخير، وذلك لقصور علمه بعظمة الله تعالى وحقه على العبيد، فالأصل في ذلك كله أن ينسب الفضل لله وحده، فإن أراد ذكر فضل عبدٍ، فليقل ثم فلان، ليُخرِج لفظَه بهذا العطف عن التشريك والتسوية، التي قد تقع في قلبه والعياذ بالله، فيمنح تعظيماً لغير الله لا يستحقه إلا الله، فيوقعه الشيطان بما يُحذر شرعاً. والحاصل أن مطلق لفظٍ متعلقٍ بالله تعالى وصفاته العلى ينبغي عرضه أولاً على ميزان العلم، وقسطاس الفصاحة المستقيم، وإلا فإنه قد يوقع صاحبه بالزلل الذي قد يفضي إلى اعتقاد ما لا يليق بحق الله تعالى.
٢٠- ... اشتغال العوامّ بالخوض في دقائق مسائل العلم بما يتعلق بالله تعالى وأسمائه الحسنى وصفاته العلى، ولا يزال الشيطان يحبب ذلك إليهم، حتى يُخيَّل إلى أحدهم أنه قد حاز قصب السبق فيما علم، وأنه لولا أنه قد عَلِم ما عَلِم ما نجى وما سَلِم، لكنه في واقع أمره يكون قد تخرّص بما لم يفهم، وهرف بما لم يعرف، وتعلّق بما لم يعلم، وتشبّع بما لم يعط، وقد يُكثِر بعضهم الغوص في مسائل حارت بشأنها ألباب العلماء، وحيث إنه ليست لديه آلات العلوم بما يمكّنه من فقه الإجابة فإنه يلتبس عليه ما سأل عنه بالكلية، فيلقى في قلبه شبهة به، ويُفتَتن بذلك، ومن ثَمّ ينتقل إلى الخوض مع أمثاله من العوام في فهمها، فيزيدونه رهقاً إلى رهقه، وجهلاً إلى جهله.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ