للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ، - يَقُولُهُ مِرَاراً - إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحاً لاَ مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ كَذَا وَكَذَا، إِنْ كَانَ يُرَى أَنَّهُ كَذِلِكَ، وَاللهُ حَسِيبُهُ، وَلاَ يُزَكِّي أَحَداً (١) .

وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بكر رضي الله عنه، خيراً بما يعلم صلى الله عليه وسلم من حاله رضي الله عنه، ففي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فقال أبو بكر رضي الله عنه: إنّ أحد شِقَّيْ ثوبي يسترخي، إلا أنْ أتعاهد ذلك منه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلاَءَ (٢) .

١٩- ... التسرّع بالنطق بما لا يخلو التلفظ به من زللٍ، ذلك أن اللسان من لطائف عجيب صنع الله تعالى، فهو منطلق بطبعه، لا تكلّ عَذَبته مهما أطلقت، ولا مؤنة في تحريكه - مع خطره الجسيم - ولا يَرُدُّه إلا العقل الحكيم، المتقيد بلجام الشرع الكريم. لذا، فإن المرء قد يجري لسانه بما لا يحب، أو بما لا يريد أحياناً، وربما نطق بما لا يفقه عظيم خطره، لجهل أو غضبٍ، ومن ذلك أن يسوّي بين الله وبعض خلقه في الاعتراف بالمِنَّة والإنعام، أو بالتسوية في المشيئة، فينسب الفضل إلى الله وإلى عباده في آن، كأن يقول: إن ما أصابه من خير كان من الله ومن فلان،


(١) أخرجه البخاري؛ كتاب: الأدب، باب: ما يُكره من التمادح، برقم (٦٠٦١) ، عن أبي بكرة رضي الله عنه، ومسلم؛ كتاب: الزهد والرقائق، باب: النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وخيف منه فتنة على الممدوح، برقم (٣٠٠٠) ، عنه أيضاً.
(٢) أخرجه البخاري بلفظه؛ كتاب: فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً» ، برقم (٣٦٦٥) ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. وفي عدة مواضع من صحيحه. ومسلم كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم جرّ الثوب خُيَلاء برقم (٢٠٨٥) ، عنه أيضاً.

<<  <   >  >>