للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالأُْذُنَانِ زِنَاهُمَا الاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلاَمُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ (١) الحديث. وهنا أشير إلى ما يدق فهمه من لفظ الحديث بتقديم زنا العين على غيره من زنا الأعضاء: وهو أن (الإنسان إن لم يحفظ عينه، لم يُحفظ عليه فكره، وتفرّق عليه همُّه، وربما وقع في بلية لا يطيقها، وزنا العين من كبار الصغائر، وهو يؤدي إلى القرب من الكبيرة الفاحشة، وهي زنا الفرج، ومن لم يقدر على غض بصره لم يقدر على حفظ فَرْجه) (٢) .

سابعاً: احفظ الله في نعمة اليد: ومن أعظم ما تحفظ به هذه النعمة إعمالُها في طاعة الله بالصلاة والذكر (عند عقد الأصابع) ، والرمي للجهاد في سبيل الله، وكفّها عن البطش والظلم، وعن الإشارة بسلاح، ولو بحديدة إلى أخٍ مسلم، أو قتل نفس مؤمنة بغير نفس - والعياذ بالله -، أو الإقدام بها على الانتحار، نعوذ بالله من شر وساوس الشيطان، وكفها أيضاً عن مس امرأة لا يحل مسها. كذلك فإن من وسائل حفظ اليد كفّها عن لبس الذهب بتختم الرَّجُل به، أو رمي النرد بقمار أو بغيره، أو إمساك ورق اللعب (الكوتشينة أو الشدة) باليد، وقضاء الأوقات في ذلك مع تضييع لصلوات مفروضات تلهيًا بذلك، مما يعلّق قلب المؤمن بما يسمى الحظ، فيورثه ذلك شكاً بالعدل في القدر، أو يوقع نزغًا بينه وبين إخوته المؤمنين، فيحرّش الشيطان بينهم، ليوقع


(١) أخرجه البخاري؛ كتاب: الاستئذان، باب زنى الجوارح دون الفرج، برقم (٦٢٤٣) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه. ومسلم؛ كتاب: القَدَر، باب: قُدِّر عى ابن آدم حظُّه من الزنا وغيرِه، برقم (٢٦٥٧) ، عنه أيضاً. واللفظ لمسلم رحمه الله.
(٢) انظر: إحياء علوم الدين» لأبي حامد الغزالي رحمه الله (٣/١٦١) .

<<  <   >  >>