للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(مسألة) :

ثبت في «الصحيح» قول النبي صلى الله عليه وسلم: لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ (١) ، وَلاَ هَامَةَ (٢) وَلاَ صَفَرَ (٣) ، [وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ (٤) كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَْسَدِ] (٥) . فكيف يُجمع بين نفي العدوى المقرر فيما صح من الحديث، وإثباتها أيضًا في الأمر بالفرار من المجذوم، وكذلك في النهي عن ورود المُمْرِض على صحيح البدن، في قوله صلى الله عليه وسلم لاَ تُورِدُوا الْمُمْرِضَ عَلَى المُصِحِّ (٦) ؟

الجواب: أن العدوى الواقعة هي في أجناس محددة من الأمراض، ضربت السنة مثالين لها، هما: الجُذام والطاعون، وأن مخالطة


(١) الطيرة: التشاؤم بالشيء، وهي مضادة للفأل، وأصلها تشاؤم العرب في الجاهلية عند السفر إذا توجَّه الطير يَسْرة، والرجوع عن السفر، والشؤم في كلام العرب: النحس.
(٢) الهامة، يدور معناها عند أهل الجاهلية حول معنيين: الأول: طائر البومة، وقد كانوا يتشاءمون به. والثاني: تحول روح الميت وعظامه هامة (بومة) تطير، فيتشاءمون بها.
(٣) صَفَر: هو داء يأخذ البطن - كما عَنْوَنَ البخاري - رحمه الله - بابًا في كتاب الطب: لا صفر، وهو داء يأخذ البطن. اهـ. ويزعم العرب أنه أعدى من الجرب يصيب الناس والماشية. ... وقد فسّرها الصحابي جابر رضي الله عنه - كما قال أبو الزبير المكي عنه -: الصفر البطن، قيل لجابر: كيف؟ قال: كان يقال: دوابّ البطن. اهـ. انظر: صحيح مسلم، برقم (٢٢٢٢) . ... أو هو: الشهر المعروف كانوا يتشاءمون بدخوله، ويزعمون أن الدواهي تكثر فيه، كما ذكر القسطِلاَّني في شرحه على صحيح البخاري. (٨/٣٩٨) .
(٤) الجُذام: علة رديئة تحدث من انتشار المِرَّةِ السوداء في البدن كله، فيَفْسُد مزاجُ الأعضاء، وهيئتُها وشكلُها، وربما فسد في آخره اتصالُها حتى تتآكل الأعضاء وتسقط، ويسمى داء الأسد، لكثرة ما تعتري هذه العلة الأسدَ. انظر: الطب النبوي لابن القيم (ص ١١٤) .
(٥) أخرجه البخاري، بلفظه؛ كتاب: الطب، باب: الجُذام، برقم (٥٧٠٧) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، ومسلمٌ؛ كتاب: السلام، باب: لا عدوى ولا طيرة ... ، برقم (٢٢٢٠) عنه أيضًا. وما بين المعقوفين من مفردات البخاري رحمه الله.
(٦) أخرجه البخاري، بلفظه؛ كتاب: الطب، باب: لا عدوى، برقم (٥٧٧٤) عن أبي هريرة رضي الله عنه. ومسلم؛ كتاب: السلام؛ باب: لا عدوى ولا طيرة ... ، برقم (٢٢٢١) ، عنه أيضًا.

<<  <   >  >>