للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن قدراتهم المتفوقة - ولا ريب - قدرتهم على لمس السماء، قال تعالى حكاية عن مَرَدة الجن: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا *} [الجن: ٨] .

- ... ومن أدلة مخالفتهم الإنس في قدرتهم على التشكل بصورة ذي روح، فلقول الله تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ *} [الأنفال: ٤٨] . وقد كان ذلك في مجيء إبليس - نعوذ بالله من الشيطان الرجيم - في صورة رجل من بني مُدْلج، وهو على هيئة سراقة بن مالك بن جعشم، فلما رأى جبريلَ عليه السلام أقبل مع جند من الملائكة نزع يده من يد رجل من المشركين، فقال الرجل: تزعم أنك جار لنا؟! فقال: إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب (١) .

وأما دليل تشكُّلهم من السنة النبوية، فقد سبق قول النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ عِفْرِيتاً مِنَ الجِنِّ جَعَلَ يَفْتِكُ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ، لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلاَةَ، وَإِنَّ اللهَ أَمْكَنَنِي مِنْهُ فَذَعَتُّه، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَرْبِطَهَ إِلَى جَنْبِ سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، حَتَى تَنْظُرُونَ إِلَيْهِ أَجْمَعُونَ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ: [ص: ٣٥] {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لأَِحَدٍ مِنْ بَعْدِي} ، فَرَدَّهُ اللهُ خَاسِئاً (٢) .


(١) انظر: تفسير الطبري (١٠/١٨) . وانظر المروي في دلائل البيهقي (٢/٣٥٤) ، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٢) سبق تخريجه ص ١٩ بالهامش ذي الرقم (٤) .

<<  <   >  >>