للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أدلته أيضاً: حديث أبي هريرة رضي الله عنه، إذ وكّله رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فكَذَبَه شيطانٌ ليلتين يحثو في كلّ ليلةٍ من تمر الصدقة، مدَّعياً فاقتَه وعياله زاعماً عدمَ عودته، ثم يعود، حتى جاء الثالثة، فعلّم أبا هريرة أن يقرأ آية الكرسي بتمامها فيكون بعدها في حفظ الله تعالى ولا يقربنَّه شيطان حتى يُصبِح، فقال عليه الصلاة والسلام: أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعَلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاَثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَة؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: ذَاكَ شَيْطَانٌ (١) .

- وأما تشكلهم على صورة ذي روح من الحيوان، فدليله قول النبي صلى الله عليه وسلم: لاَ تَقتُلُوا الجِنَّانَ (٢) ، إِلاّ كُلَّ أَبْتَرَ ذِي طُفْيَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يُسقِطُ الْوَلَدَ، وَيُذهِبُ الْبَصَرَ، فَاقْتُلُوهُ (٣) ، [واستثناء هذين النوعين (الأبتر وذي الطُّفْيَتَيْن) (٤) ، من حيات البيوت يقتضي: أن الجني يتمثل في حيات البيوت، إلا في هذين النوعين فلا يتصوّر بصورتهما، لذا فإنه يسنّ


(١) اختصار من معنى حديث أخرجه البخاري بطوله، في كتاب: الوكالة. باب: إذا وكل رجلاً فترك الوكيل شيئاً فأجازه الموكِّل ... ، برقم (٢٣١١) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه. وقد أفاد ابن حجر في الفتح (٤/٤٨٨) ، (أن زكاة رمضان كانت تمراً، وأن الشيطان المتشكل على صورة شيخ كبير، أتى من نصيبين) . اهـ.
(٢) الجَِنَّان: الحيّات التي تكون في البيوت، كما أفادته زيادة مسلم رحمه الله، وفيها: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ ... » الحديث، وتخريجه في الهامش التالي.
(٣) أخرجه البخاري؛ كتاب: بدء الخلق، باب: خير مال المسلم..، برقم (٣٣١١) ، عن أبي لبابة رضي الله عنه. ومسلم؛ كتاب: السلام، باب: قتل الحيّات وغيرها، برقم (٢٢٣٣) ، عنه أيضاً.
(٤) هما نوعان لا نوع واحد كما يوهمه ظاهر مروي البخاري رحمه الله، فقد فرَّقت رواية مسلم بينهما بقوله صلى الله عليه وسلم: «اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ، وَذَا الْطُّفْيَتَيْنِ وَالأَْبْتَرَ ... » الحديث. انظر صحيح مسلم برقم (٢٢٣٣) ، وقد نبَّه على ذلك الإمام ابن حجر في الفتح، كما سيأتي في الهامش الذي يلي.

<<  <   >  >>