للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحرارة الصوم، فتنتبه بعده للطعام، وتأخذه بشهوة] (١) .

أما القثاء بالرطب، ففي الجمع بينهما في الأكل من الحكمة الطبية ما فيه، حيث إن [القِثَّاء (٢) : بارد رطب في الدرجة الثانية، مطفئ لحرارة المعدة الملتهبة وبرده مضرٌّ ببعض المعدة، فينبغي أن يستعمل معه ما يُصلِحه ويكسر برودته ورطوبته، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أكله بالرُّطب، فإذا أُكِل بتمر أو زبيب أو عسل عدَّله أيضاً] (٣) .

وقد أخبرت السيدة عائشة رضي الله عنها كذلك بفائدةٍ للجمع بين القثاء والرطب، ألا وهي التسمين المعتدل لمن شكا نُحولة زائدة مستمرة (٤) ، فقالت: (أرادت أمي أن تُسَمِّنِّي لدخولي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فلم أَقْبل عليها بشيء مما تريد، حتى أطعمتني القثاء بالرطب، فسمِنْت عليه كأحسن السِّمَن) (٥) .


(١) كلام نفيس، أثبته الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه: «الطب النبوي» ص: ٢٤٩.
(٢) القِثاء؛ معروف، وهو: ثمر نوع من النبات، قريب من الخيار، لكنه أطول واخضراره أقل، واحدته قثاءة ومَقثاة، وقد يسمى بْ (الفَقُّوس) و (العجُّور) . ويقال: أقثأ المكان، كَثُر فيه القِثاء. اهـ. انظر: المعجم الوسيط (أقثأ) .
(٣) انظر: الطب النبوي، لابن القيم ص: ٢٨١.
(٤) قد يكون طلب السُّمنة للنساء مستغرباً في عصرنا هذا، لكن المقصودُ هنا السُّمنة المعتدلة الحسنة كما بينت السيدة عائشة رضي الله عنها. كما أن النحولة المفرطة أمر غير محمود، والحرص عليها - كما تفعل بعض النساء قد تتسبب بنوع وسوسة، يؤدي بصاحبه إلى نحولة زائدة مستمرة، حتى لو تمت تغذيته بشتى صنوف الغذاء، فلو صاحَبَ ذلك حالةُ اكتئابٍ حاد، أُطلق عليه - طبيًا - مصطلح بمسمى (أَنُورِكْسيا نرفوزا) . وهو مرض عُضال، يصعب جدًا علاجه، إلا في حالة تعاون المريض بشكل تام مع المعالج - الطبيب العضوي والمتابع النفسي -، ومع ذلك كله فقد لا يؤدي العلاج إلى حدوث نتائج فعالة!! ومن أعراض هذا الداء: انعدام الشهية للطعام، شعور بالغثيان، ارتجاف بالأطراف، ونحولة فائقة في الجسد. انظر: موسوعة المعارف (بريتنكا) (١/٤٣٢) .
(٥) أثر عائشة رضي الله عنها أخرجه أبو داود؛ كتاب: الطب، باب: في السُّمنة، برقم (٣٩٠٣) . صححه الألباني. انظر: صحيح أبي داود (٣٣٠٣) .

<<  <   >  >>