للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استدلال لطيف من هدي النبي صلى الله عليه وسلم بأكل الرطب بالقثاء: [زعم قوم ممن سلك طريق التنسّك والتزهد - بغير ما شُرِع منه - أن الآكل يُكرَه في حقه الأكل تلذذاً، كما يُكرَه جمعُه بين لونين من الطعام بمرَّة واحدة، بيد أن هذا الحديث أرشد إلى خلاف ذلك، وإلى أن الأفعال التي هي ليست من جنس القُرُبات عند الله، نحو الشرب واللباس والقعود والقيام، فإن الأصل فيها الإباحة إلا ما اختُصَّ منها بالتحريم بنصٍّ عليه] (١) .

* ... وأما التمر؛ فهو ما تؤول إليه ثمرة النخلة المباركة (٢) في نهاية المطاف، وإن له لفوائد تكاد لا تحصى، وقد أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ألا يخلو بيت مسلم من تمر، وبخاصة تمر المدينة واختَصَّ منه صلى الله عليه وسلم صنفًا كريمًا، هو عجوة المدينة، [وهو من أنفع تمر الحجاز على الإطلاق، ملذِّد، متين للجسم والقوة، من ألين التمر وأطيبِه وألذِّه] (٣) ، وهو نافع - بإذن الله - في الوقاية من أثر السُّم والسحر.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَا عَائِشَةُ، بَيْتٌ لاَ تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ - أو: جَاعَ أَهْلُهُ -، قَالَهَا صلى الله عليه وسلم مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثًا (٤) وقال عليه من ربه


(١) مستفاد من كلام للإمام الخطيب، في «الفقيه والمتفقه» ، (١/١٣١) . ومستفاد أيضًا من فقه الإمام البخاري - رحمه الله - لذلك، حيث عنون باب: جمع اللونين أو الطعامين بمرَّةٍ، في كتاب الأطعمة من صحيحه.
(٢) توصف النخلة بالبركة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من الشجر شجرة، تكون مثلَ المسلم، وهي النخلة» . انظر: البخاري - بلفظه - كتاب الأطعمة، باب: بركة النخل. برقم (٥٤٤٨) ، عن ابن عمر رضي الله عنهما. ومسلم بزيادة: «لا يتحاتُّ (لا يتساقط) ورقها» . كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب: مَثَل المؤمن مَثَل النخلة، برقم (٢٨١١) عنه أيضًا.
(٣) انظر: الطب النبوي للإمام ابن القيم رحمه الله ص: ٢٧٢.
(٤) أخرجه مسلم كتاب: الأشربة، باب: في ادخار التمر ونحوه من الأقوات للعيال، برقم (٢٠٤٦) .

<<  <   >  >>