للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن شهاب، ولكن يعاقب، إلا أن يَقْتُل بسحره، فيُقتَل، أو يُحدِث حدثًا فيأخذ منه بقدر ذلك، وهو قول أبي حنيفة والشافعي، وعن مالكٍ أيضًا: أنه لا يُقتل ساحر أهل العهد إلا أن يُدخل بسحره ضررًا على مسلم لم يعاهد عليه، فإذا فعلوا ذلك، فقد نقضوا العهد، يحلّ بذلك قتلُهم. اهـ (١) .

وقد رجّح الإمام الشنقيطي رحمه الله القول بقتل ساحر أهل الذمة، وهاك قوله: وأظهر الأقوال عندنا أنه - أي ساحر أهل الذمة - لا يكون أشد حرمة من ساحر المسلمين (٢) ، بل يُقتل كما يُقتل ساحر المسلمين، وأما عدم قتله صلى الله عليه وسلم لابن الأعصم، فقد بينت الروايات الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم ترك قتله اتقاء إثارة فتنة، فدل على أنه لولا ذلك لقتله. وقد ترك صلى الله عليه وسلم قتل المنافقين لئلا يقول الناس: محمد يقتل أصحابه، فيكون في ذلك تنفير عن دين الإسلام، مع اتفاق العلماء على قتل الزنديق، وهو عبارة عن المنافق، والله أعلم. اهـ (٣) .

العاشرة: في الرد على من أنكر جواز وقوع السحر على النبي صلى الله عليه وسلم وتأثره عليه الصلاة والسلام به.

خلاصة هذه الدعوى ما ذكره الإمام ابن حجر رحمه الله في الفتح: من قول المازري رحمه الله: أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث - أي: سَحَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ ... - (٤) ، وزعموا أنه يَحُطُّ منصب النبوة


(١) انظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطّال (٥/٣٥٨) .
(٢) المقصود بساحر المسلمين الساحر منهم الذي كفر بسحره، أو قَتَل به، لا مطلق مَنْ سَحَر، على ما تقرر من ترجيح الإمام رحمه الله.
(٣) انظر: أضواء البيان للشنقيطي (٤/٥١١) .
(٤) سبق تخريجه ص٥٣ بالهامش ذي الرقم (١) .

<<  <   >  >>