للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التقسيمات - كما أجملها ابن خلدون رحمه الله، فيما سبق- لتكون بحسب ماهية السحر، وكيفية القيام به، ووسيلة ذلك، فيكون السحر عندئذٍ على ذلك ثلاثة أقسام رئيسة:

الأول: سحر له حقيقة، تقوم به نفوس قوية مؤثرة يستعان به بما يعتقده الساحر عونًا له: من شياطين الجن، وأرواح الكواكب، وله طرق في الاستعانة والتحضير كالعزائم والإقسام، والذبح والتقرب بشرك فيه استهزاء، أو ذبح لغير الله، أو تقرُّب بارتكاب كبائر، ونحو ذلك مما يسترضي به شيطان الجن، وطرق باستحضار روحانية الكوكب، بكتابة طلّسمات، مع اعتقاده بتحكم العالم العلوي بالعالم السفلي، ونحو ذلك مما يرضي أيضًا الشياطين، فتخدمه في ضرر الخلق، والساحر يظن أن أرواح الكواكب تعلمه وترشده، وتظهر له كيفية تحكمها بمصائر الناس وحوادث الأرض.

والثاني: سحر له حقيقة أيضًا، تقوم به نفوس ساحرة أقل في القوة والتأثير مما سبقها في النوع الأول، وهي تستعين بخواص أدوية وعقاقير ودهانات ودُخَن مسكّرة، وعُقَد يُنفَث فيها، فتؤثر في بدن المسحور، وعقله، وتمييزه، وإرادته، وعواطفه، وتستعين أيضًا بأشياء من أثر المسحور يعزّم عليها بعزيمة شركية، فتدفن في أرض أو تجعل في ماء ونحوه، ولا يزول أثرها إلا إذا حُلَّت تلك العقد، أو عُثِر على المُغيَّب في الأرض أو الماء فأُتلِف، أو عُمِد إلى قراءة رقى مشروعة، فينشّر بها عن المسحور.

والثالث: سحر تخييل، أو سحر الأعين، وهو المسمى بالشعوذة، وقد يعتمد فيه المشعوذ على الخفة الفائقة، والسرعة الباهرة، والكلام المؤثر بالناظِر، دون استعانة بشيطان. فإن عُمد فيه إلى الاستعانة بشيطان - لإيقاع مزيد من التخييل على النظّار، كما يُرى في عصرنا -

<<  <   >  >>