للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ذكر الإمام رحمه الله: أن شيطان الإنس ربما ينخدع بالإحسان إليه، وأما شيطان الجن، فإنه لا حيلة فيه إذا وسوس إلا الاستعاذة بخالقه الذي سلّطه عليك، فإذا استعذت بالله ولجأت إليه، كفَّه عنك وردّ كيده. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يقول: أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ (١) .

والحاصل في ذلك إثبات وجود شياطين من الإنس، وشياطين من الجن، كما في قوله تعالى: [الأنعَام: ١١٢] {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ *} . والحال أن وسوسة الإنسي لمثيله يمكن صرفها بحُسن القول معه، والإعراض عن سَفَهه، وعدم مماراته في جهله، وكما قال عمر رضي الله عنه: عاقبتَ من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه -أي: عاقبته بالحِلْم على جهله، وبالصبر على سفهه ... ، - وكما قال ابن عباس رضي الله عنهما: أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم. اهـ (٢) .

قال تعالى: [فُصّلَت: ٣٤] {وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ *} .

مسألة: يتجرأ إبليس وجنوده - عياذاً بالله منهم - على الوسوسة


(١) سبق تخريج الحديث ص٨٢ بالهامش ذي الرقم (٢) .
(٢) انظر تفسير ابن كثير ص٧٣٠ ط - بيت الأفكار الدولية.

<<  <   >  >>