للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمؤمني الإنس، بقصد صرفهم عن إيمانهم أو إيقاع الشك في قلوبهم، فما يقول من وجد ذلك؟

قال النبي صلى الله عليه وسلم: يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا، مَنْ خَلَقَ كَذَا، حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ وَلْيَنْتَهِ (١) .

وقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه قائلين: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ ، قالوا: نعم. قال: ذَاكَ صَرِيحُ الإِْيْمَانِ، أو قال: تِلْكَ مَحْضُ الإِْيمَانِ (٢) . وقال عليه الصلاة والسلام: لاَ يَزَالُ النَّاسُ يَسْأَلُونَكُمْ عَنِ الْعِلْمِ، حَتّى يَقُولُوا: هَذَا اللهُ خَلَقَنَا، فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟ (٣) .

يتبين من مجموع ما سلف ذكره، أن هذا النوع من الوسوسة لا يضر صاحبَه، بل هو دالٌّ على بلوغه شأواً في الإيمان لكراهته الشديدة لهذا الوسواس، ومحاولته دفعه عن قلبه، واستعظامه النطق به، فيغتاظ بذلك الشيطان وجنده، فيحاولون عند ذلك ثَنْيَه عما هو فيه. والواجب على من وجد شيئاً من ذلك أن ينتهي عن التفكّر بذلك حتى لا يستهوينه الشيطان، ويصدِّق عليه ظنَّه، ويُوقِع به كيدَه، وأن يقول النبي - كما أرشدت إليه السُّنة -: آمنت بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وصدق الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، [الحَديد: ٣] {هُوَ الأَوَّلُ


(١) أخرجه البخاري، واللفظ له، كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنودِه، برقم (٣٢٧٦) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، ومسلم، كتاب: الإيمان، باب: بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها، برقم (١٣٤) ، عنه أيضًا.
(٢) أخرجه مسلم، بالتخريج السابق.
(٣) التخريج الأسبق كذلك، عند مسلم رحمه الله.

<<  <   >  >>