للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

و (التَّحَدِّي) هو: المباراةُ والمنازعةُ، ومنهُ تَحَدِّي رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- العربَ بالقرآنِ (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (ت: ٧٢٨ هـ): «والمُتَحَدِّي: هو أن يحدوهم (أي: يدعوهم ويبعثهم) إلى أن يعارضوه. فيقال فيه: حَدَانِي على هذا الأمر (أي: بعثني عليه)، ومنه سُمي حادي العِيس؛ لأنَّه بِحُدَاهُ يبعثها على السَّيرِ» (٢).

وقال الناظم: «وأظهر معجزاته عليه الصلاة والسلام، القرآن؛ لدوام جِدَّتِهِ على مَمَرِّ الزَّمَانِ، والإجماع منعقدٌ على أنَّهُ معجزٌ؛ لأنَّه -صلى الله عليه وسلم- طالب العرب بالإتيان بمثله، بل بسورة منه، أو الدخولِ في دينهِ، أو التَّصَدِّي للمُحَارَبَةِ، فَإِسْلامُ من سَبَقَتْ لَهُ السَّعَادَة، ومفارقتُهُ دينَ آبائه الذي رُبِّيَ عليه، وجُنُوحُ من سبقت له الشقاوة إلى اقتحام نار الحرب وملاقاة قرع الصوارم، وطعن العوالي، وَرَشْقِ النِّبَال، مع ما فيها من هلاك الأنفس وذهاب الأموال وسبي الحريم والأولاد وإهانة الأسْرِ، دليلٌ قاطعٌ وبرهانٌ ساطعٌ على عجزهم عنهُ» (٣).

وقال الألوسي (ت: ١٢٧٠ هـ): «وقد تحدَّاهم عليه الصلاة والسلام وقرَّعَهم بالعجز عشر سنين، ثم قارعهم بالسيف فلم يُعَارَضُوا بما سِواه، مع أنَفَتهم واستنكافهم أن يُغلَبوا، لا سِيَّما في ميدان البيان، فإنهم كانوا فرسانه المالكين لأزمَّته، الحائزين قَصَبَ السَّبْقِ فيه» (٤).

وقد وقع التحدي لهم في خمس آياتٍ من القرآن الكريم في خمسِ سورٍ، وهي مرتبةٌ كالآتي حسب ترتيب المصحف:

١ - قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا


(١) انظر: تاج العروس: ٣٧/ ٤١٠ (ح د ي)، والمحيط في اللغة: ١/ ٢٤٤ (وَ حَ دَ).
(٢) انظر: الجواب الصحيح: ٤/ ٧٦.
(٣) انظر: جميلة أرباب المراصد: ١٤٦.
(٤) انظر: روح المعاني: ١٠/ ٩٤.

<<  <   >  >>