للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسماهم كفرة بالدعاء، والمدعو من دون الله يسمى إلها، ويسمى ندا، فمن يدعو مع الله صنما أو وليا أو نبيا أو قمرا أو كوكبا أو غير ذلك أو جنيا يكون قد اتخذه ندا لله وجعله إلها مع الله، فهذا العمل شرك أكبر تبطل معه الصلاة والصوم والزكاة والحج وغير ذلك، لما سبق من قول الله سبحانه في كتابه العظيم: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (١) [الزمر: ٦٥] ، يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم وهو معصوم من هذا، لكن لتعلم الأمة أن هذا الأمر عظيم وأن من فعله صار مشركا وحبط عمله، وقال جل وعلا: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٢) [الأنعام: ٨٨] ، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (٣) [النساء: ١١٦] . فالشرك لا يغفر لمن مات عليه.

فالواجب الحذر من دعاء الأموات والاستغاثة بهم أو بالأصنام، أو بالأشجار، أو بالأحجار أو الجن وطلبه المدد منهم، فكل ذلك شرك بالله يبطل الأعمال.

والواجب على كل من فعله البدار بالتوبة من هذا الأمر، والحذر منه، والعزم الصادق ألا يعود فيه من فعله، وبهذا يصح إسلامه، أما ما دام يعبد الأموات والقبور ويستغيث بهم وينذر لهم فقد أبطل أصل الإسلام، وقد أبطل الشهادة، مثل الذي يتوضأ ثم يحدث، إذا توضأ الإنسان ثم خرج منه البول أو الريح بطل وضوءه، فهكذا الذي يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، ثم يدعو الأموات أو يستغيث بالأموات أو الجن أو ينذر لهم أو يسب الله ورسوله أو يأتي بأي ناقض من نواقض الإسلام؛ فإنه بذلك يبطل


(١) سورة الزمر الآية ٦٥
(٢) سورة الأنعام الآية ٨٨
(٣) سورة النساء الآية ١١٦

<<  <   >  >>