للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمؤمن يستعمل الصيغة الشرعية التي استعملها النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، وأرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم في تعليمه، اتباعا له صلى الله عليه وسلم، وطاعة لأمره، وتأسيا به وبأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، هذا هو الذي ينبغي للمؤمن، وألا يعتنق صيغة أحدثها من ابتدع في الدين.

ثم أيضا كونهم يتعاطون ذلك، ويجهرون بذلك بعد الصلاة فهذا بدعة أخرى ولو بالصيغة الثانية، فكونهم يتعاطون هذا بعد الصلاة، ويرفعون أصواتهم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهذا ليس له أصل سواء بهذه الصيغة أو بغيرها وإنما يصلي الإنسان بينه وبين نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم بعد حمد الله والثناء عليه، أمام الدعاء، كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه حيث قال عليه الصلاة والسلام: «إذا دعا أحدكم فليبدأ بحمد ربه والثناء عليه ثم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بما شاء» (١) وهذا هو الأمر مشروع عند الدعاء في جميع الأوقات، فكونه يحمد ربه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو ربه في ليله، وفي نهاره، وفي الطريق، هذا هو الأمر المشروع للحديث المذكور، والإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر مشروع محبوب إلى الله عز وجل؛ لأن الله سبحانه يقول: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (٢) [الأحزاب: ٥٦] .

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا» (٣) فالصلاة والسلام عليه أمر مشروع، ولكن على الوجه الذي فعله صلى الله عليه وسلم، وعلى الوجه الذي فعله أصحابه رضي الله عنهم.

أما أن يقوم فيصلي على النبي صلى الله عليه وسلم جهرة بعد السلام، فهذا لا أصل له،


(١) سنن الترمذي الدعوات (٣٤٧٧) .
(٢) سورة الأحزاب الآية ٥٦
(٣) صحيح مسلم الصلاة (٣٨٤) ,سنن الترمذي المناقب (٣٦١٤) ,سنن النسائي الأذان (٦٧٨) ,سنن أبو داود الصلاة (٥٢٣) ,مسند أحمد بن حنبل (٢/١٦٨) .

<<  <   >  >>