للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأي صورة أبلغ في الإزراء بصاحبها، والغض من شأنه، والإضحاك منه، على شهرته بين معاصريه، من صورة هذا المدعي الذي ينظم الشعر في مدح نفسه ثم ينحله الناس ليقولوه فيه. إنها مقالة رائعة في تصوير المساوئ والكشف عن المعايب، صاغها أبو حيان على غرار صور أستاذه الجاحظ التي ابتدعها في "البخلاء"، وفي "رسالة التربيع والتدوير".

وبعد، فقد عرضت بعض المحاولات المقالية عند العرب، على مقاييس النقد الحديث، في تحديده للمقالة. ولعمري إن الفنون الأدبية تمر في أطوار من النمو والتطور والتنقيح، فينأى اللاحق منها عن السابق، حتى ليتباينان أشد التباين. وفي الأمثلة القليلة التي ذكرتها، دليل على أن العرب، في نطاق فهمهم للتعبير الأدبي، قدموا بعض الرسائل والفصول الأدبية الممتعة، التي يصح أن ندرجها تحت الأدب المقالي، مع شيء من التجاوز والاعتدال في التحديد، شأنهم في ذلك شأن أكثر الأمم التي سبقتهم أو عاصرتهم.

<<  <   >  >>