للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

احتجبت هذه المجلة، غادرها إلى مجلات أخرى. ومقالته لا تخرج من حيث الصنعة الفنية، عن التقليد الأدبي الذي أرساه المقاليون الأول في هذا القرن، وقد وقفها على النقد والإصلاح. وكان في أسلوبه الإنشائي، وطريقته في تلمس الموضوع وعرضه، تلميذا مخلصا لستيل وأديسون، إلا أنه يباينهما في ناحيتين، الأولى: أنه كان يفضل معالجة الموضوعات الدينية والأبحاث الأخلاقية الجدية، على صور الحياة اليومية، والثانية: أنه كان لا يترخص في لغته ولا يتدنى في بيانه، بل كان يحتفل بأسلوبه فيعنى باختيار ألفاظه، وبتوفير القيم الزخرفية والبديعية لعباراته.

أما غولدسمث فقد برزت مواهبه في كتابة المقالة، حوالي العقد السادس من القرن نفسه. واستهل عمله الأدبي بالنشر في المجلات، إلا أنه اشتهر بمجموعة من المقالات كتبها على صورة رسائل وأجراها على لسان صيني متفلسف، جاء إلى إنكلترا سائحا. وقد نفذ منها إلى نقد الحياة الاجتماعية في إنكلترا والسخرية من بعض العادات الشائنة والتقاليد السخيفة، ونشرها في كتاب سماه "المواطن العالمي". وقد تأثر فيها بأسلوب الرسائل الذي كان شائعا في إنكلترا آنذاك، نتيجة لنشر "الرسائل الفارسية" لمونتسكيو في ترجمتها الإنكليزية. واختار لنفسه أسلوب الفكاهة والسخرية الاجتماعية، إلا أنه لم يهجر الموضوعات الجدية هجرا تاما.

واستأثر هذا التقليد الأدبي الذي أرسى قواعده هؤلاء الكتاب الأعلام بالمجلات الإنكليزية سحابة القرن الثامن عشر، واستمر فيها حتى مطلع القرن التاسع عشر.

<<  <   >  >>