للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كابوسها. وكان هؤلاء الكتاب يعيشون في لندن، ولذا نراهم يعنون بالحياة الاجتماعية فيها، إلا أنهم كانوا يقفون عند بعض مظاهرها الثانوية التافهة ويتحدثون عنها حديث المنتشي المستمتع.

٢- ظهور شخصية الكاتب، واضحة جلية، دون التوقيع باسم مستعار، أو التستر خلف شخصية مخترعة كشخصية الصيني الفيلسوف. وحتى في الحالات التي كان يضطر فيها الكاتب إلى إخفاء اسمه، كانت شخصيته تبدو جلية من خلال كتابته، فلا يحجبها ذلك القناع الشفاف الذي كان يتقنع به مضطرا، وقد أهمل الكتاب بعض الأساليب التقليدية في صياغة المقالة وتوجيهها، فكانوا لا يعنون بحياة النوادي والمقاهي، أو بوسائل القراء، أو بالرؤى والحكايات ذوات المغزى، أو بالشخصيات الكلاسيكية الحقيقة أو المخترعة. ثم انهم انصرفوا عن الاستشهاد بالتاريخ القديم، وشوارد الحكم وجوامع الكلم، وآثروا استقاء شواهدهم من تجاربهم الحية، أو من تجارب أصدقائهم، ومن الأخبار السيارة، في الأدب والاجتماع بأسلوب طبعي بسيط، خال من الكلفة والتصنع والافتعال.

ولم يكن هم هؤلاء الكتاب المحدثين أن يسوقوا مقالاتهم للعظة والاصلاح، شأن كتاب القرن الماضي. بل كانت مقالاتهم تعبيرا حرا طليقا عن الذات، يخلو من كل توجيه أو الالتزام. والحقيقة أن هذا العكوف على الذات، والاهتمام بتجليتها في الأدب، هو أبرز خاصة تميز بها أدب القرن التاسع عشر، عصر الرومانطيقية.

٣- وقد ازداد طول هذه المقالة، ازديادا واضحا، وذلك بسبب تغيير نظام المجلات، واعتياد القراء قراءة الأبحاث الطويلة بعد أن ألفوا المجلات، مما فسح المجال أمام الكتاب لعرض آرائهم وصورهم في

<<  <   >  >>