للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولنقدم حظنا على حظه، وسعادتنا على سعادته، ولا نفكر فيه طولا، ولا يتدخل في شئوننا كثيرا ولا قليلا.

قال الأب: وأمر المال كيف يدبر؟ كيف تعشن أنتن وأولادكن إذا كان طلاق وكان فراق؟ قلن: هذا ظل آخر ظريف من ظلال تفكيرك. دع هذا يا أبانا والبركة أخيرا فيك.

أما بعد فقد خلا الأب يوما إلى نفسه، وأجال النظر في يومه وأمسه، فبكى على أطلال سلطته المنهارة، وعزته الزائلة، ورأى أنهم خدعوه بنظرياتهم الحديثة، وتعاليمهم الجديدة قال: لقد قالوا إن زمان الاستبداد قد فات ومات، فلا استبداد في الحكومة ولا استبداد في المدرسة، فيجب ألا يكون استبداد في البيت، إنما هناك ديمقراطية في كل شيء، فيجب أن يكون البيت برلمانا صغيرا يسمع فيه الأب رأي ابنه ورأي زوجته، وتؤخذ الأصوات بالأغلبية في العمل وفي المال وفي كل شيء. وقالوا تنازل عن سلطتك طوعا وإلا تنازلت عنها كرها، وقالوا إن هذا أسعد للبيت، وأبعث للراحة والطمأنينة. وقالوا إن هذا يخفف العبء عنك، فنحن نقسم البيت إلى مناطق نفوذ، فمنطقة نفوذ للمرأة، وأخرى للرجل، وثالثة للأولاد، وكلهم يتعاونون في الرأي ويتبادلون المشورة. سمعت وأطعت فماذا رأيت؟ رأيت كل إنسان في البيت له منطقة نفوذ إلا شخصي، ولم أر البيت برلمانا، بل رأيته حماما بلا ماء وسوقا بلا نظام، إن حصلت على مال أرادته المرأة فستانا، وأرادته البنت بيانو، وأراده الابن سيارة، ولا تسل عما يحدث بعد ذلك من نزاع وخصام. وإن أردنا راحة في الصيف أردت رأس البر لأستريح، وأرادت الأم والبنت الإسكندرية قريبا من ستانلي باي، وأراد الابن أروربا، إلى ما لا يحصى، ولا يمكن أن يستقصى. وأخيرا يتفقون على كل شيء إلا على

<<  <   >  >>