للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصعوبة بمكان؛ لأنهم كانوا محتاجين إلى أن يغيروا فلسفتهم الفنية تغييرًا جوهريًّا حتى ينتقلوا من جماليات الشعر العربي الغنائي القديم إلى جماليات "التجربة" و"الفكر الفعال"، وما يصحب ذلك من تغييرات جوهرية في "الإطار" و"التكوين".

وقد صحب هذه التغيرات تغيرات أخرى في الشكل، تناولت الوزن والقافية، وهما العنصران التقليديان في كل الشعر القديم.

وسندرس فيما يلي بعض النماذج الدالة من الشعر الذي ينهج النهج القديم، وبعضًا آخر يمثل محاولات التجديد. والهدف من هذه الدراسة النقدية هو أن نكمل الحديث في نظرية الشعر من خلال الدراسة العملية لهذه النماذج.

قصائد لشوقي وحافظ والعقاد "دراسة تطبيقية":

كلنا نعرف -أو ينبغي أن نعرف- أن شعر "شوقي" في العصر الحديث هو خير مثال للقصيدة التقليدية, وهو رأس مدرسة شعرية لم يعد لها ما تمتعت به من قوة النفوذ وقوة الأنصار. وعلى المثل الفنية التقليدية التي كانت هذه المدرسة تأخذ نفسها بها ثار "العقاد" و"المازني" وحملا حملتهما النقدية منذ وقت مبكر على شوقي وأنصار مذهبه, وقد وضعا المقاييس الجديدة التي يقيسان بها الشعر القديم، وكان معهما من حيث النزعة عبد الرحمن شكري, والطريف أنهم جميعًا يكتبون الشعر. وسنتخذ هنا موضوعًا لدراستنا ثلاث قصائد قيلت في موضوع واحد هي: قصائد شوقي وحافظ والعقاد, أما الموضوع المشترك "شكسبير"، فقد كتب عنه الثلاثة بمناسبة الاحتفال بذكراه, وسنرى الآن كيف تناول كل منهم الموضوع.

والواقع أننا نستطيع أن نتحدث عن قصيدتي شوقي وحافظ معًا؛ لأنهما تتفقان إلى حد كبير في المنهج الفني, والملاحظات التي سنسجلها هنا تنطبق كذلك على كل شعرهما دون أدنى مخاطرة. وهما يشتركان هنا على الأقل، في:

١- الصياغة.

٢- البناء الشعري.

٣- طريقة تناول المعاني.

٤- الارتباط بالمأثور اللغوي القديم, وبصور التعبير التقليدية.

٥- التصوير.

فشوقي وحافظ، ككل الشعراء الذين يتبعون المدرسة القديمة، يشتركون في هذه الظاهرة، ولذلك نجدهم يحتفلون احتفالًا كبيرًا بالصنعة الشكلية، ويصرفون أكبر

<<  <   >  >>