للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حين أن الطريقة التي تنسق بها، بحيث تكون عملا قصصيا، تعد جزءًا من الصورة، فإذا هي انفصلت عن طريقة التنسيق هذه فلن يكون لها تأثير فني بأي حال من الأحوال"١.

ومهما يكن من أمر دلالة المصطلحات المستخدمة في هذا المجال، فإن هناك صفات خاصة بما سميناه مادة العمل الأدبي، وهي صفات تعد جوهرية، ولا بد من تحققها كيما يعد الأدب أدبًا، وهناك صفات أخرى خاصة بالتكوين.

قد نقرأ العمل الأدبي لأغراض كثيرة، ولكننا إذا نظرنا إلى الأدب على أنه قوة حقيقية وجب علينا أن نبحث عن مصدر أسباب الرضا الأساسية، التي تتمثل في صفات: الوضوح، وعمق الفهم، وسمو الروح.

ويتحقق الوضوح من خلال إحساس المؤلف بالصورة، فالمؤلف يختار المادة وينظمها وفقًا لغرض خاص. وهو بذلك يركز الاهتمام على الشكل الجوهري للأشياء في العالم المرئي وغير المرئي, وهو بذلك يومئ أيضًا إلى الغرض الذي يوجه التجربة. ومؤلفات كبار الكتاب تهدي إلى السلوك السليم بأوسع معانيه؛ لأنها تكشف لنا عن النظام الدقيق، وعن الحكمة والتوافق بين العناصر المختلفة، التي بدونها تبدو الحياة أجزاء لا معنى لها. وهذا العمل يتضمن توضيحًا واعيًا للتجربة، لا عند المؤلف وحده بل عند القارئ كذلك، وذلك باتحاده مع المؤلف خلال عملية التمثيل٢.

صفات الأدب المرضي:

وهنا يأتي بالضرورة السؤال عن الموضوعات التي تصلح للأدب وتلك التي لا تصلح، والواقع أن الأديب -على الرغم من أنه يختار موضوعه بلا شك- يعمل في ميدان, كل ما يلقاه فيه صالح للعمل الأدبي وهو ميدان الحياة، "فلم يعد من الممكن القول: إن هناك بعض موضوعات تصلح للتناول وبعضًا آخر لا يصلح، وفي خلال نمو الواقعية في الفن القصصي، واستخدام التحليل النفسي للشخصية، اتسع ميدان الأدب اتساعًا عظيمًا"٣.

ثم يأتي دور الأدب في أن يعمق فهمنا للحياة "بأن يطلعنا لا على عالم الرؤية الخارجي فحسب، بل على العالم الداخلي للفكر والشعور كذلك. إننا نبدأ في فهم كيف يعيش الناس، ومن أجل ماذا يموتون, وكذلك فإننا ننظر في ذلك العالم


١ Wellek & Warren: op. cit,. p. ١٤٠.
٢ انظر:
Nathan Comfort Star: the Dynamics of Literature: Columbia Univ. Press, New York ١٩٤٥. p٢٢.
٣ المرجع السابق ص٢٢.

<<  <   >  >>