للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذي يظهر لي: أن ذلك لضيق أطرافها، وضيق ممراتها بالجبال بحيث أنه يشق عليهم الخروج إلى مكان يسعهم كما يكون هذا في المدينة ونحوها، وذلك لفضيلة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك فقد خرج عنه وصلى في الصحراء، ولأن المقصد هو إظهار هذه الشعيرة للناس فكان المستحب أن يكون في الصحراء سواء في مكة وفي غيرها، وإنما استثنيت مكة لضيق أطرافها فإن ممراتها ضيقة بالجبال فلما كان كذلك كان المستحب – حينئذ – أن يصلي في المسجد، والله اعلم.

قال: (وتقديم صلاة الأضحى وعكسه الفطر)

المستحب في صلاة الأضحى أن يبكر بها، فإذا طلعت الشمس وارتفعت قيد رمح صليت الأضحى.

وأما الفطر فبالعكس تؤخر شيئاً ما.

واستدلوا بتعليل، فقالوا: صلاة عيد الأضحى يعجل بها ويبكر ليتسع الوقت للأضاحي.

وبالعكس في صلاة عيد الفطر فأخرت ليتسع الوقت للناس لأداء صدقة الفطر، فإن المستحب في صدقة الفطر أن تخرج قبل صلاة العيد.

وهذه المسألة ورد فيها حديث رواه الشافعي ورواه عنه البيهقي وفيه إبراهيم بن يحيى وهو متروك، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كتب إلى عمرو بن حزم أن عجل صلاة الأضحى وأخر صلاة الفطر) لكن الحديث في إسناده متروك، ومع ذلك فإن المسألة لا خلاف بين أهل العلم فيها.

قال الموفق: " ولا أعلم فيها خلافاً " (١) .

وفي التعليل بأن الأضحى تقدم لأجل الأضاحي، نظر.

ولو قيل إنما يستحب تعجيلها لاستحباب تعجيل الصلاة والمبادرة بها، فيكون هذا التعليل لصلاة الأضحى.

وأما صلاة الفطر فهو ما ذكروه سابقاً.

إذن: ما ذكره أهل العلم ظاهر، أما صلاة الأضحى فتعجل في أول وقتها لاستحباب الصلاة في أول وقتها فإن أحب الأعمال إلى الله الصلاة في أول وقتها كما تقدم في الكلام في المواقيت، وإنما تؤخر صلاة الفطر ليتسع ذلك للمسلمين فيؤدوا صدقة فطرهم.


(١) قال الموفق في المغنى [٣ / ٢٦٧] : " ولا أعلم فيه خلافاً ".