للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبلوا أن يدخلوا في الإسلام، فبيّن لهم: معنى الإسلام، واشرحه لهم، حتى يدخلوا فيه على بصيرة.

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ: "إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلاَّ الله، فإن هم أجابوك لذلك، فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات"، إلى آخر الحديث، ولم يقف عند قوله: "ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلاَّ الله "، بل أمره أن يبيّن لهم بعدما ينطقون بالشهادتين، أن يبيّن لهم مقتضى هاتين الشهادتين، وأنه ليس المراد مجرد النُّطق بهما والتلفظ بهما، بل لابد من الالتزام والعمل.

من هنا عقد الشيخ رحمه الله هذا الباب، بعد "باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلاَّ الله"؛ ليتبين من ذلك أن من دعا إلى شهادة أن لا إله إلاَّ الله، فلابد أن يفسِّرها، ويفسِّر التّوحيد، حتى تكون دعوته على بصيرة، أما إن كان لا يعرف هذا، فلا يدخل فيما ليس من شأنه، حتى يتعلم هو بنفسه أولاً، أو إن كان يعرف هذا ولكن لا يريد أن يبينه للناس لغَرَض في نفسه، أو لإرضاء جماعته أو حزبه؛ فليبتعد عن هذا، ولا يكون محسوباً على الدعوة، وهو لا يقوم بواجبها، لأن هذا يصبح سُبَّةً على الدعوة، ونَكْسَة على الدعوة.

فهؤلاء الذين شغلونا بهموم الدعوة -كما يقولون-، هم لا يفهمون معنى الدعوة، ولا يفهمون ما يُطلب من الداعية، فالواجب أن يكون الدعاة على بصيرة، حتى تُجدي دعوتهم، وحتى تنفع، وحتى يكتب لهم الأجر عند الله سبحانه وتعالى.

وقول الشيخ: "تفسير التّوحيد، وشهادة أن لا إله إلاَّ الله " هذا من عطف الدال على المدلول، المدلول هو التّوحيد، وشهادة أن لا إله إلاَّ الله هو الدال، لأن شهادة أن لا إله إلاَّ الله تدل على التّوحيد، فهو من عطف الدال على المدلول، والشيخ رحمه الله جمع بينهما في الترجمة ليبين أن معناهما واحد، فمعنى التّوحيد هو لا إله إلاَّ الله، ومعنى لا إله إلاَّ الله هو التّوحيد، من أجل أن لا يخفى هذا على أحد، فيظن أن التّوحيد غير لا إله إلاَّ الله، بل هما شيء واحد، فهذا معنى جمع الشيخ رحمه الله، بين اللفظتين في الترجمة.

وقد ذكر الشيخ في هذا الباب أربع آيات، وذكر حديثاً واحداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>