للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الخلق يستطيع أن يمنع نزول الرحمة على أحد من عباد الله؟، فظهر بذلك عجز آلهة المشركين.

والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهم هذا وتلا عليهم القرآن، وسألهم هذا السؤال، وأعلنه على رؤوس الأشهاد، ولم يُجيبوه، ولن يجيبوه إلى أن تقوم الساعة.

هذه من جملة الأسئلة التي وجهها الله في القرآن إلى المشركين ولم يجيبوا عنها. فدلّ على بطلان الشرك.

" {قُلْ حَسْبِيَ اللهُ} " أي: هو كافيني، لأن الحَسْب معناه: الكافي، فهذا فيه تفويض الأمور إلى الله سبحانه وتعالى، وتعليق القلوب بالله سبحانه وتعالى دون ما سواه، لما أبطل الشوك في أول الآية قرّر التّوحيد بقوله: {قُلْ حَسْبِيَ اللهُ} أي: هو كافيني ولن يستطيع أحد أن يضرني من دون الله أو ينفعني من دون الله، ولهذا يقول هود -عليه الصلاة والسلام- لقومه: {قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ* مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ (٥٥) } ثم قال {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦) } .

" {عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} " ولا يتوكلون على الحلْقة والخيط والصنم والقبر والولي أو غير ذلك، بل الذي يُتوكّل عليه هو الله سبحانه وتعالى، لأنه بيده مقادير الأشياء.

وفي الحديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعبد الله بن عباس: "واعلم أن الخلق لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلاَّ بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلاَّ بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجَفَّت الصحف".

فالأمور كلها مرجعها إلى الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يستحق أن يُعبد، وأن يُتوكّل عليه، وأن يُدعى، ويُرجى، ويُخاف سبحانه وتعالى، وما عداه فإنه خلق من خلق الله، مسخّر بيد الله سبحانه وتعالى، إن شاء سلّطه عليك وإن شاء منعه عنك، ما في الأرض من الأشرار من بني آدم ومن الشياطين ومن الجن ومن الإنس ومن الحيّات والسباع ومن سائر الأشياء الضارة، كلها بيد الله سبحانه وتعالى، إن شاء سلّطها عليك وإن شاء أمسكها عنك، فلا تخف من غير الله عزّ وجلّ، وكذلك الخير بيد الله سبحانه وتعالى: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>