للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ} .

ــ

بخير، وإنما يُستخرج به من البخيل"، وذلك لأن الإنسان في سَعَة في أمور الطاعة غير الواجبة، إن شاء فعلها وله أجر، وإن شاء تركها ولا حرج عليه، والله لا يحب لنا أن نكلف أنفسنا شيئاً لم يوجبه علينا: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} ، وإدخال الإنسان نفسه في نذر غير واجب عليه في الأصل، قد يعجز، وقد يشق عليه، وعلى هذا تُنزَّل الأدلة التي تمدح الذين يوفون بالنذر، قال تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (٧) } هذا مدح لهم، بعد أن ينذروا، ليس مدحاً للدخول في النذر، وإنما هو مدح للوفاء به بعد لزومه، فالإنسان إذا التزم شيئاً لله من الطاعة وجب عليه الوفاء، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقضوا الله، فالله أحق بالقضاء".

ونذر الطاعة دَين في ذمة المسلم؛ يجب عليه الوفاء به، ومن هنا مدحهم الله.

فوجه الاستدلال من الآية الكريمة على أن النذر لغير الله شرك: لأنها دلّت على أن النذر عبادة، لأن الله مدح الموفين به، وإذا كان عبادة فصرفه لغير الله شرك.

وفي الآية الثانية من سورة البقرة قوله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ} ولازم ذلك: أن يجازيكم عليه، وهذا من باب الحث على الوفاء بالنذر.

ووجه الاستدلال من الآية الكريمة من وجهين:

الوجه الأول: أن الله قرن النذر بالنفقة، والنفقة في سبيل الله طاعة، فدلّ على أن النذر طاعة.

الوجه الثاني: قوله: " {فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ} " وهذا من باب الحث على النفقة، وعلى الوفاء بالنذر؛ فدلّ على أنه طاعة، وإذا كان النذر طاعة، فإن صرفه لغير الله شرك. هذا وجه استدلال المصنّف رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>