للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} الآية.

ــ

قال: "وقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} ، وتتمة الآية: {وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (٦) } ، الآيات من سورة الأحقاف.

" {وَمَنْ أَضَلُّ} " لا أحد أشدّ ضلالاً، " {مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ} " أي: غير الله.

" {مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} " هل الصنم استجاب لأحد في يوم من الأيام؟، هل القبر استجاب لأحد في يوم من الأيام؟، هل الشجرة التي- تُعبد من دون الله استجابت لأحد؟، أبداً، ولو قُدِّر أنه يحصل للمشرك مقصوده، فهذا ليس من المعبود من دون الله، وإنما هو من الله سبحانه وتعالى، أجراه امتحاناً له، واستدراجاً له، حتى يظن أن هذا من القبر، فيستمر في الشرك- والعياذ بالله.

وقد ذكر شيخ الإسلام في إحدى رسائله- أو في كثير من رسائله- ما معناه: أن ما يحصل لعبّاد القبور من قضاء الحاجات، فليس ذلك دليلاً على صحة مذهبهم، لأن حصول المقصود يكون ابتلاءً وامتحاناً من الله سبحانه وتعالى، ويكون من أجل الاستدراج كما قال تعالى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (٤٤) } ، {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} ، فالله سبحانه وتعالى يُمْهِل ويستدرج، من أجل أن يزداد هذا الكافر وهذا المشرك آثاماً يُعَذَّب بها يوم القيامة، فليس هذا من صالحه، فإذا حصل لعبّاد القبور شيء من مقاصدهم، فهذا من إهانة الله لهم، واستدراجهم.

وذكر الشيخ- أيضاً- أنه يمكن أن الشياطين تتصوّر أحياناً بصورة المقبور، وتخرج على الناس الذين يدعون القبر بصورة المقبور وتخاطبهم، وتقول نحن نقضي حوائجك، والشيطان قد يأتي لهم بأشياء بعيدة، قد يسرق من أموال الناس أشياء ويأتي بها لهم، ويظنون أن هذا من الميت، والميت ما درى عن شيء من هذه الأمور، الميت مشغول بنفسه إما في نعيم وإما في عذاب في قبره، وإذا حشر الناس يوم القيامة، وبُعث هؤلاء المشركون، وبُعث هؤلاء الموتى يوم القيامة كانوا أعداءً لمن عبدهم يتبرءون من هؤلاء الذين عبدوهم في الدنيا أحوج ما يكونون إليهم، كما

<<  <  ج: ص:  >  >>