للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمر من أوامر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإنه يبادر إلى تنفيذه، ولا يتوانى، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} .

والإنذار معناه: الإخبار والتحذير من وقوع أمر مكروه، وأما البشارة فهي الإخبار عن أمر سار، فالله جل وعلا بعث هذا النبي بشيراً ونذيراً، بشيراً للمؤمنين بالخير والجنة، ونذيراً للكافرين بالنار والعذاب إلاّ أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى.

والعشيرة: جماعة الرجل الذين ينتسب إليهم.

والأقربين يعني: أقرب الناس إلى الإنسان، لأن القرابة تتفاوت، منها القرابة القريبة كالآباء، والأمهات، والإخوان، والأخوات، والأعمام، والعمّات، ومنهم أقارب أباعد مثل أبناء الأعمام، وأبناء أبناء الأعمام إلى آخره، فهم أقارب، ولكنهم أقارب بعيدون.

وفى هذا دليل على أن الداعية والأمر بالمعروف والناهي عن المنكر يبدأ بأهل بيته وخاصته أوّلاً، ثم بجيرانه وأهل بلده، ثم يتمدّد بالخير إلى من حوله من البلاد، أما العكس وهو أن يذهب إلى الأباعد أو إلى البلاد البعيدة ويترك أهله، ويترك بلده، ويترك أقاربه، فهذا خلاف منهج الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي أمره الله تعالى به في هذه الآية، فمن منهج الدعوة البداية بالأقارب، وبأهل البيت، كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} أمر بوقاية النفس أوّلاً، ثم بوقاية الأهلين، وذلك لأن الأقارب لهم حق، ومن أعظم حقوقهم: إرشادهم إلى ما فيه خيرهم، وصلاحهم، وفلاحهم، فهذا أنفع من أن تعطيهم الذهب والفضة والأموال، بل تبدأ بإرشادهم، وتوجيهم، ودعوتهم إلى الله تعالى، لأن لهم حقًّا عليك، وليس حقهم مقصوراً على الإنفاق وإعطائهم المال.

وثانياً: لأجل القدوة، لأنك إذا دعوت الناس وتركت أهل بيتك، فإن الناس سينقمون عليك، ولا يقبلون دعوتك، ولا توجيهاتك، يقولون لو كان صادقاً لبدأ بأهل بيته، يذهب إلى الناس ويترك أهل بيته على المخالفات، وعلى المنكر، وعلى الجهل، ويذهب إلى الناس يدعوهم إلى الله، هذا ليس من منهج الدعوة، منهج الدعوة أن تبدأ بالأقربين، ثم ينتشر الخير شيئاً فشيئاً على من حولهم، هذا المنهج

<<  <  ج: ص:  >  >>