للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام بما يفهمونه، وما يستفيدون منه، وأيضاً يكون بأسلوب سهل، لا نتعمّد المجيء بأساليب لا يفهمونها، وكلمات لا يفهمونها، بل يختار الموضوع المناسب، والأسلوب المناسب، واللغة التي يفهمونها. هذا الذي يريد الخير للناس، ويريد تعليم الناس.

أما الذي يريد أن يُظهر نفسه على حساب الناس، فهذا هو المتنطع، وهذا لا يفيد شيئاً، ويَخرج كما دخل من غير فائدة.

فعلينا أن نتنبّه لذلك، لئلا نكون من المتنطعين في الكلام.

وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول: "حدثوا النّاس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟ ".

أما التنطع في الاستدلال فهو: طريقة أهل الكلام وأهل المنطق الذين عدلوا عن الاستدلال بالكتاب والسنّة إلى الاستدلال بقواعد المنطق، ومصطلحات المتكلمين.

والمنطق هذا من أين جاء؟، وقواعد المنطق من أين جاءت؟، جاءت من اليونان، استجلبوها واستعملوها في الإسلام، وتركوا الاستدلال بالكتاب والسنّة، وقالوا: إن الأدلة السمعية لا تفيد اليقين، وإنما الذي يفيد اليقين هو الأدلة العقلية - بزعمهم-، فبذلك هلكوا.

الواجب أن يكون الاستدلال بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنّة وإجماع المسلمين والقياس الصحيح كما عليه علماء أهل السنّة والجماعة، ولهذا يقول الإمام الشافعي رحمه الله: "حكمي في أهل الكلام: أن يضربوا بالجريد والنعال، وأن يطاف بهم في القبائل، وأن يقال: هذا جزاء من أعرض عن الكتاب والسنّة واشتغل بعلم الكلام".

فمن هؤلاء من يترك كلام الله وكلام رسوله ويأتي بقواعد المنطق، حتى في العقائد وهو ما يسمونه الآن علم التّوحيد، يسمون علم المنطق، وعلم الكلام: علم التّوحيد، ولذلك وقعوا في الهلاك، وضلوا وأضلوا، وقد انتهى أمرهم إلى الحيرة، كما شهد بذلك أكابرهم، وبعضهم عند الوفاة أشهد الحاضرين بأنه مات وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>