للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

....................................................................................

ــ

ومن الغلو في حقه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إحياء المولد كل سنة، لأن النصارى يحيون المولد بالنسبة للمسيح على رأس كل سنة من تاريخهم، فبعض المسلمين تشبّه بالنصارى فأحدث المولد في الإسلام بعد مضي القرون المفضلة، لأن المولد ليس له ذكر في القرون المفضلة كلها، وإنما حدث بعد المائة الرابعة، أو بعد المائة السادسة لما انقرض عهد القرون المفضلة، فهو بدعة، وهو من التشبه بالنصارى.

المسألة الرابعة: فيه مشروعية مدحه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصفاته الكريمة: عبد الله، ورسوله، الداعي إلى الله، بلّغ البلاغ المبين، جاهد في الله حق جهاده، كل هذا من صفاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فذكره طيّب.

المسألة الخامسة: يُستفاد من ذلك: كمال شفقته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أمته، وأنه حذّرها من الإطراء في حقه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحذّرها من الغلو، وحذّرها من التنطع.

ثلاثة أساليب جاء بها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الإطراء والغلو والتنطع. نوّعها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من باب التأكيد والتحذير من الغلو.

المسألة السادسة: فيه أن من نهى عن شيء فإنه يذكر البديل الصالح عنه إن كان له بديل، فإنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نهاهم عن الإطراء قال: "إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله" هذا البديل الصالح.

المسألة السابعة: في الحديث: النهي عن الغلو في العبادات، ومنها حصى الجمار، قال فيها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو"، والغلو في العبادات، هو: الزيادة فيها عن الحد المشروع: كميّة وكيفيّة ووقتاً، إلى غير ذلك، نحن لا نُحدث شيئاً من عند أنفسنا.

والبدعة تنقسم إلى قسمين: بدعة حقيقية، وبدعة إضافية.

البدعة الحقيقية: إذا أُحدث شيء لا أصل له، مثل المولد والتبرك بالآثار.

والإضافية: أن نُحدِث للعبادة المشروعة وقتاً أو صفة لم يشرعها الله ورسوله، كما لو قلنا: ليلة النصف من شعبان يصلون النّاس ويتهجّدون، أو نصوم النصف من شعبان.

فالصيام مشروع، وقيام الليل مشروع، لكن إذا حدّدناه بوقت لا دليل عليه فهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>