للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدلّ هذا على تحريم زيارة النساء للقبور، وهذا مذهب الجمهور أهل العلم، أنه لا يجوز للنساء أن تزور القبور لهذا الحديث.

قال العلماء: لأن المرأة ضعيفة، فإذا رأت قبر قريبها من ابنها، أو أبيها، أو أخيها، أو زوجها، فإنها لا تملك نفسها من النياحة ومن الجزع.

وأيضاً: المرأة عورة، فإذا ذهبت إلى المقابر واختلطت بالرجال حصل من ذلك فواحش وزنى وشر، لأنها فتنة، كما هو الواقع الآن عند الأضرحة من اختلاط النساء بالرجال، وما يحصل من المفاسد.

وذهب بعض العلماء إلى جواز زيارة النساء -للقبور أخذاً من عموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تذكر بالآخرة" قالوا: هذا لفظ عام يدخل فيه الرجال والنساء.

والجواب عن ذلك من وجهين:

الوجه الأول: أن قوله: "فزوروها" هذا الخطاب للرجال، وخطاب الرجال لا تدخل فيه النساء.

الوجه الثاني: أنه على فرض أن هذا الخطاب عام للرجال والنساء، فإنه مخصوص بهذا الحديث.

واحتجّوا- أيضاً- بأن عائشة رضي الله عنها زارت قبر أخيها عبد الرحمن. قالوا: فهذا دليل على جواز زيارة النساء للقبور.

والجواب عن ذلك: أن فعل عائشة هذا محمول على أنها لم يبلغها النهي، ولو بلغها النهي لم تكن لتخالف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

والجواب الثاني: وعلى فرض أنها بلغها هذا الحديث، فهذا اجتهاد منها، ولا شك أن الحجة في حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا في اجتهاد المجتهدين.

فبناءً على ذلك فالقول الصحيح الراجح هو: منع النساء من زيارة القبور، وأن كان بعض الباحثين في هذا العصر أظهر هذه المسألة وكتب فيها، وأباح للنساء زيارة القبور، فهذا قول مرجوح، ولم يأت بجديد وإنما أثار هذه المسألة فقط، ولا يجوز

<<  <  ج: ص:  >  >>