للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى".

ــ

ثم قال مبشراً لأمته بعد هذه الأخبار المروِّعة: "ولا تزال طائفة من أمتي على الحق" يعني: مع هذه الحوادث العظيمة، وهذا الابتلاء العظيم، ووقوع الشرك، ووقوع اللَّحاق بالمشركين من بعض القبائل وتسلّط الكفّار، وقلّة أهل الحق، وكثرة أهل الباطل، مع هذا يبقي في هذه الأمة بقية صالحة إلى أن يأتي أمر الله تبارك وتعالى.

والطائفة في الأصل الجماعة. والمراد هنا من كان على الحق ولو كان واحداً. بدليل قوله تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ} وهو واحد.

"على الحق ظاهرين" يعني: غالبين.

"لا يضرّهم من خذلهم" مع هذه الشرور كلها، وهذه الفتن كلها، هذه الطائفة لا تتضرّر، بل تبقى على الحق الذي بُعث به محمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يعيّن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عددها، ولم يعيّن مكانها، لأن العدد قد يقلّ وقد يكثر، وكذلك المكان قد تكون تارة في المشرق، وتارة في المغرب، وتارة في العرب، وتارة في العجم، المهم أنها تبقى هذه الطائفة من الأمة، لتبقى حجّة الله سبحانه وتعالى على خلقه.

وقد قال أهل العلم- كالإمام أحمد وغيره-: "إن هذه الطائفة هم أهل الحديث أي: الذي يتمسّكون بسنّة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما ذكر افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة-: "كلها في النار إلاَّ واحدة" قالوا: من هي يا رسول الله؟، قال: "من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي"، فهم أهل الحديث الذين يتمسّكون بحديث الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يتمسّكون بالآراء والأقوال وعلم الكلام والمنطق.

فهم الطائفة المنصورة وهم الفرقة الناجية وهم أهل الحديث وهم أهل السنّة والجماعة، لا كما يقول بعض المعاصرين: إن الفرقة الناجية غير الطائفة المنصورة، وهذا تفريق بغير علم.

وقوله: "حتى يأتي أمر الله" المراد بأمر الله ما يكون في آخر الزمان من قبض

<<  <  ج: ص:  >  >>