للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول الثاني -وهو قول الشافعي-، ورواية عن أحمد-: أنه يُستتاب كغيره من المرتدّين، لأن المشرك يُستتاب، فالساحر- أيضاً- يُستتاب.

ولكن الرأي الأول أرجح، فيُقتل ولا يُستتاب لِغِلَظ ردّته، ولأجل كفِّ شرِّه عن المسلمين، ولأنه يُظهر التوبة ويخدع النّاس.

لكن إن كان صادقاً في توبته فهذا فيما بينه وبين الله، أما الحد فلا يسقط عنه. وهذا حكمه في الدنيا.

وعلى كل حال؛ أمر السحر أمرٌ خطير.

وفي هذا الزمان كثر شرّ السحرة، وصاروا يستعملون السحر من أجل ابتزاز أموال الناس، واللعب عليهم، وأمر الأموال أخف من أمر العقيدة، وإن كانت الأموال شيئاً مهمًّا يجب الحفاظ عليه، ولكن العقيدة أهمّ، ووجود السحرة في المجتمعات الإسلامية وباء خطير فتَّاك، يجب علاجه، ويجب القضاء عليه.

فالسحرة في العالم في هذا الزمان يقيمون نوادي، يجتمعون فيها، ومؤتمرات يعقدونها من أجل إهلاك البشر، وتعاظَم شرّهم وخطرهم، فيجب على المسلمين أن يحذروا منهم غاية الحذر، ويجب على من علم بوجود ساحر في البلد أن يبلِّغ ولاة الأمور عنه.

ولا يجوز الذهاب إلى السحرة وتصديق السحرة، فالسحرة مثل الكُهَّان أو شرّ من الكُهَّان، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أتى كاهناً لم تُقبل له صلاة أربعين يوماً"، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من أتى كاهناً أو عرّافاً فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، والسحر من الطاغوت ومن الجبت- كما سبق-، وهو شرّ من الكِهانة.

وإذا كان الكاهن يجب على المسلمين هجره والابتعاد عنه، وأن من أتاه لا تُقبل صلاته أربعين يوماً، ومن صدقه يكفر بما أنزل على محمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكيف يذهب بعض النّاس إلى السحرة والمشعوذين، وقد يأمرونه بالشرك، فيأمرونه بالذبح لغير الله؟! فالأمر خطير جدًّا

فيجب على المسلمين أن يحذروا من هذا البلاء، ومن هذا الوباء، وهذا الخطر؛ أن لا يتفشَّى بين المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>