للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يضرّ من وُجّه إليه بإذن الله عزّ وجلّ، كما قال تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ} .

وقد أمر الله نبيّه بالاستعاذة منه في سورة الفلق، قال تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) } ، {النَّفَّاثَاتِ} : السواحر، و {الْعُقَدِ} هي: العُقد التي في الخيوط.

وقوله: "فقد سحر" يدل على أن هذا العمل سحر.

وقوله: "ومن سحر فقد أشرك" هذا هو الشاهد من الحديث؛ أن من أنواع الشرك: عقد العُقد والنفث فيها بقصد السحر، لأن الساحر لا يتوصّل إلى سحره إلاَّ بالاستعانة بالشياطين، وإذا استعان بالشياطين فقد أشرك بالله عزّ وجلّ.

قوله: "ومن تعلّق شيئاً وُكِل إليه" أي: من اعتقد في شيء من دون الله أنه ينفع أو يضر وَكَله الله إلى ذلك الشيء.

فمن اعتقد في السحرة والكُهّان والمشعوذين والمنجِّمين والأموات والأولياء أنهم ينفعون أو يضرُّون من دون الله وُكِل إليهم؛ عقوبةً له، وتخلّى الله سبحانه وتعالى عنه، وَوَكَله إلى هؤلاء الذين لا يملكون ضرًّا ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، ولا وتنقطع صلته بالله الذي بيده المُلْك، والذي بيده الخير، والذي يرحم عباده ويرزقهم، ويكلِه الله إلى هذه المخلوقات الضعيفة، لأنه اعتمد عليها، وتوكّل عليها، وخاف منها، ورجاها، فيوكل إليها.

فمن ذهب إلى مشعوذ يريد منه العلاج والشفاء من المرض وَكَله الله سبحانه وتعالى، ومن سأل كاهناً أو عرَّافاً عن شيء من الأشياء وَكَله الله إليه إذ اعتمد عليه.

ومن توكّل على الله، وتعلّق بالله سبحانه وتعالى، وخاف الله ورجاه فإن الله يتولّى أمره، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} ، فالذي يتوكّل على الله، ويؤمن بالله، ويعتمل! على الله؛ فإن الله يكفيه، ويصونه من شر عباده، قال تعالى {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} ،.

فمن توكّل على الله كفاه، ومن تركل على غير الله وَكَله الله إلى ضعيف، عاجز لا يُغني عنه من الله شيئاً، لا في الدّنيا ولا في الآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>