للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أتى كاهناً فصدَّقه بما يقول؛ فقد كفر بما أُنزل على محمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" رواه أبو داود.

ــ

أو عن طريق الخطّ في الرّمل، أو قراءة الكف والفِنْجَان، أو غير ذلك.

"فصدَّقه بما يقول لم تُقبل له صلاة أربعين يوماً" هذه اللَّفظة (فصدَّقه) ليست في صحيح مسلم، وإنما وردت في رواية الإمام أحمد في المسند، والذي في صحيح مسلم: "من أتى عرَّافاً لم تُقبل له صلاة أربعين يوماً"، فالحكم مرتّب على مجيء العرَّاف فقط، لأن إتيان العرّاف والذهاب إليه جريمة ومحرم حتى ولو لم يصدِّقه.

ولهذا لما سأل معاوية بن الحكم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن العرَّافين قال: "لا تأتهم" فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهاه عن مجرّد إتيانهم.

فهذا الحديث يدلّ على تحريم الذهاب إلى العرَّافين، حتى ولو لم يصدِّقهم، ولو قال: أنا أذهب من باب الإطلاع، فهذا لا يجوز.

"لم تُقبل له صلاة أربعين يوماً" في رواية: "أربعين يوماً وليلة".

فدلّ هذا على شدّة عقوبة من يأتي العرَّاف، وأن صلاته لا تُقبل عند الله، ولا ثواب له عند الله فيها، وإن كان لا يؤمر بالإعادة، لأنه صلّى في الظاهر، لكن فيما بينه وبين الله صلاته لا ثواب له فيها لأنها غير مقبولة.

وهذا وعيد شديد يدلّ على تحريم الذهاب إلى العرَّافين مجرّد الذهاب، ولو لم يصدِّق، أما إذا صدّقهم فسيأتي في الأحاديث ما عليه من الوعيد الشديد، والعياذ بالله.

قال: "وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أتى كاهناً ... إلخ" هذا الحديث فيه شيئاًن:

الشيء الأول: المجيء إلى الكاهن.

والشيء الثاني: تصديقه بما يخبر به من أمر الكِهانة.

وحكمه: أنه يكون كافراً بما أنزل على محمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنه لا يجتمع التصديق بما أنزل على محمَّد والتصديق بما عند الكُهّان من عمل الشياطين. ضدّان لا يجتمعان، لا يمكن أن يصدِّق بالقرآن ويصدِّق بالكِهانة.

<<  <  ج: ص:  >  >>