للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تكون عبادة لله، كما قال- تعالى-: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} ، لأن الشرك يُبطل العبادة، ويُبطل سائر الأعمال، ولا يصحُّ معه عمل، مهما كلّف الإنسان نفسه بالعبادات، إذا كان عنده شيء من الشرك الأكبر فإن عبادته تكون هباءً منثوراً: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً} ، قال- تعالى -: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٦٥) بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٦) } ، وقال- تعالى- لما ذكر الأنبياء في سورة الأنعام: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ} إلى آخر الأنبياء الذين ذكرهم الله، قال- جلَّ وعلا-: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ، فالشرك يُحبط الأعمال، ولهذا كثيراً ما يأتي الأمر بالعبادة مقروناً بالنهي عن الشرك: {وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} "أن يعبدوه ولا يُشركوا به شيئاً"، وهذا هو معنى لا إله إلاَّ الله، لأن لا إله إلاَّ الله تشتمل على النفي وعلى الإثبات، النفي: نفى الشرك، والإثبات: إثبات التّوحيد.

"أن يعبدوه" والعبادة- أيضاً- كما أنها لا تكون عبادة إلاَّ مع التّوحيد، كذلك لا تكون عبادة إلاَّ إذا كانت موافقة لما شرعه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالعبادة وسائر الأعمال لا تصح إلاَّ بشرطين:

الشرط الأول: الإخلاص لله عز وجل.

الشرط الثاني: المتابعة للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فلو أن الإنسان جاء بعبادات مُحْدَثة ليس فيها شرك أبداً كلها خالصة لله، ولكنها ليست من شريعة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهي بدع مردودة لا تُقبل، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رَدْ" وفي رواية: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رَدْ"، فالعبادة لا تكون عبادة إلاَّ بشرطين: الإخلاص لله عز وجل، والمتابعة للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا هو معنى الشهادتين: شهادة أن لا إله إلاَّ الله، فمعناها: الإخلاص لله عز وجل، وشهادة أن محمداً رسول الله ومعناها: المتابعة للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالعبادات لا يصلح أن يكون فيها شيء من الاستحسانات البشريّة، أو استدراكات العقول، أو غير ذلك، مهما حسُنت نية الفاعل ما دام أنه بدعة: فلو أن إنساناً- مثلاً- قال: الصلوات خمس،

<<  <  ج: ص:  >  >>