للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (١٧) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} ، وهذا سبق في الباب الذي قبل هذا.

قال تعالى في المسجد الحرام: {وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} .

فمساجد الله- خصوصاً المساجد الثلاثة- يجب أن تكون الولاية عليها للمسلمين، ولا يكون للمشركين عليها سلطة، ويجب على المسلمين أن يجاهدوا حتى يخلِّصوا هذه المساجد من أيدي المشركين.

فموسى عليه السلام خرج ببني إسرائيل يريد تخليص بيت المقدس، ولكن بني إسرائيل كانوا قوماً جبناء: {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ} يقال كان فيها حينذاك قبيلة يقال لها: العماليق، كانوا شِداداً في خلقهم أقوياء، {وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا} وهذا منتهى المهانة ومنتهى السُّخرية، لأن الكفار ليسوا بخارجين إلاَّ بالجهاد والجلاد والاستشهاد في سبيل الله.

{قَالَ رَجُلانِ} يعني: من بني إسرائيل من أهل الرأي والإيمان والعزيمة.

{مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ} يخافون الله سبحانه وتعالى.

{أَنْعَمَ اللهُ عَلَيهِمَا} أنعم الله عليهما بالإيمان والعزيمة الصادقة.

{ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ} يعني: اعزموا واهجموا عليهم حتى يروا منكم القوة، فإذا رأوا منكم القوة فإنهم يخرجون.

{فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} لا شك أنه إذا حصل هجوم صحيح ودخل المجاهدون عليهم الباب أنه سيقع الرعب في قلوبهم ويخرجون منها، لكن هذا لا يكون إلاَّ من أهل الإيمان وأهل الصدق والعزيمة والبأس كما في رجال محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين كانوا يجاهدون ويهجمون على الكفار ويقتحمون الأبواب ويخاطِرون بأنفسهم.

وأيضاً فإنه لا يكفي دخول الباب، بل {وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فهذا لا يحصل إلاَّ بالعزيمة الصادقة، والإقدام في سبيل الله، وتقديم النفس في سبيل الله، مع التوكُّل على الله وعدم الاعتماد على القوة، بل يعتمد على الله مع الأخذ بالقوة المناسبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>