للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفرق بين الرياء والسمعة: أن الرياء فيما يُرى من الأعمال التي ظاهرها لله وباطنها لغيره كالصلاة والصدقة. أما السمعة فهي لِمَا يُسْمَع من الأقوال التي ظاهرها لله والقصد منها لغير الله كالقراءة والذكر والوعظ وغير ذلك من الأقوال، وقصد المتكلِّم أن يسمع النّاس كلامه فيثنوا عليه، ويقولوا هو جيِّد في الكلام، جيِّد في المحاورة، جيِّد في الخُطْبة، إنه حسن الصوت في القرآن، إذا كان يحسِّن صوته بالقرآن، لأجل ذلك فإذا كان يُلقي المحاضرات والندوات والدروس من أجل أن يمدحه النّاس فهذا سُمعة.

والرياء على قسمين:

القسم الأول: شركٌ أكبر وهو: إذا كان قصد الإنسان بجميع أعماله مراءاة النّاس، ولا يقصد وجه الله أبداً، وإنما يقصد العيش مع المسلمين، وحقن دمه، وحفظ ماله، فهذا رياء المنافقين، وهو شركٌ أكبر، قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً (١٤٢) } ، وهذا لا يصدر من مؤمن.

القسم الثاني: قد يصدر من مؤمن، ويكون في بعض الأعمال، وهو: أن يكون العمل فيه قصدٌ لله وفيه قصدٌ لغير الله.

وهذا هو الشرك الأصغر.

وهذا النوع من الرياء له ثلاثة حالات:

الحالة الأولى: إن كان مقصوداً في العمل من أوله واستمرّ معه إلى آخره فإنّ هذا عملٌ مردود، لا يقبله الله سبحانه وتعالى. فمن صلّى لله وهو يحب أن يُمدح وأن يُثنى عليه، واستمرّ معه الرياء إلى آخر صلاته؛ فهذا لا تُقبل منه صلاته، بدليل الحديث الآتي.

الحالة الثانية: أن يكون أصل العمل لله ثمّ يطرأ عليه الرياء. فهذا إن تاب منه صاحبه في الحال ودفعه، وأخلص العمل لله؛ فإنه لا يضر صاحبه قولاً واحداً، لأن أصل العمل لله وطرأ الرياء، ثمّ دفعه وأخلص العمل لله وعاد إلى الإخلاص، فهذا لا يضرُّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>